طالب خبير اجتماعي الحكومة الأردنية بالتوقف عن سياسة الاعتقال والتضييق والاستهداف التي تمارسها بحق الصحفيين والإعلاميين.
وقال أستاذ علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي، إن “تقييد حرية الصحفي وحبسه وإيقافه عن العمل يجب أن يكون قرارا استراتيجيا مدروسا بعناية، لأنه يؤثر على سمعة الوطن وتقدمه وإنجازاته، وخاصة مع وجود دول ومنظمات وهيئات ترصد وتتابع الإجراءات المتعلقة بحرية الصحافة في العالم كله”.
وبين الخزاعي أن الإعلام العالمي بشتى أنواعه منفتح على الرأي والرأي الآخر، والأفضل للحكومات إذا كان لديها تحفظ على مادة صحفية أن تلجأ إلى الرد عليها عبر وسائل الإعلام، متسائلا: “ما الفائدة التي جنتها الحكومة من حبس الصحفي جمال حداد وغيره من الصحفيين والإعلاميين؟”.
وجمال حداد ناشر موقع “الوقائع” الإخباري، تم توقيفه الخميس الماضي، بأوامر من مدعي عام محكمة أمن الدولة، بتهمة “تعريض أمن الشعب للخطر بأقوال سببت عدم استقرار عام”، وذلك لنشره تقريرا قال فيه إن الأردن استلم دفعة من لقاح فيروس كورونا، وإن كبار المسؤولين تم تطعيمهم به.
وأفرجت السلطات الأردنية عن حداد، الثلاثاء، بعد وقفتين احتجاجيتين نفذهما عشرات الصحفيين أمام مقر نقابتهم في العاصمة عمان، وتهديدهم بالتوقف عن العمل لمدة ساعتين، وتنفيذ “عتمة الكترونية” تتمثل بتوشيح وسائل الإعلام صفحاتها الإلكترونية على الإنترنت بالسواد، مع كتابة رسالة موحدة مفادها أنه لا توجد حريات صحفية في الأردن، وأن الصحفيين سيقفون يدا واحدة في مواجهة توقيفهم وتحويلهم إلى محكمة أمن الدولة.
وشدد الخزاعي على أنه “لا يجوز إيقاف الصحفي تحت أي سبب من الأسباب، إلا في الجرائم الكبيرة الخطيرة التي من البيّن أنها تمس أمن الدولة”، مشددا على ضرورة أن يطلب الصحفي المخالف للقانون عن طريق نقابته التي تمثله، وأن تكون محاكمته قانونية، وتحضرها اللجنة المعنية بالحريات في النقابة”.
وأضاف أن المجتمع الأردني يتميز بمستوى عال من الثقافة والذكاء، ويستطيع أن يحكم على الخبر إذا كان صحيحا أو غير صحيح، مؤكدا أن اتخاذ إجراءات قمعية بحق كاتب المادة الصحفية يمنحها مصداقية وشهرة كبيرة، ويلفت أنظار الناس إليها، ويدفعهم للبحث عنها وقراءتها وتداولها.
ولفت الخزاعي إلى أن مقياس ثقة المواطن بالحكومات المتعاقبة ضئيل جدا، “فقد أشارت إحصائية أجريت في عهد حكومة عمر الرزاز السابقة إلى أن 80 بالمئة من المواطنين لا يثقون بها”، مشيرا إلى أن ذلك يجب أن يدفع الحكومة الحالية إلى اتخاذ إجراءات تكسبها ثقة المواطنين، وليس من خلال التوقيف والتضييق على الحريات.
وكانت نقابة الصحفيين في الأردن قد أعربت عن أسفها لقرار المدعي العام في محكمة أمن الدولة بتوقيف حداد، معلنة رفضها المطلق لـ”التوقيف المسبق في قضايا المطبوعات والنشر بوصفها عقوبة مسبقة وقيد على الحريات”.
ومنذ مطلع عام 2020 أوقفت الأجهزة الأمنية العديد من الصحفيين حول قضايا متعلقة بالنشر، أبرزهم جمال حداد، وناشر موقع “جو24” باسل العكور، والمدير العام لقناة “رؤيا” فارس الصايغ، ومدير الأخبار فيها محمد الخالدي، وناشر موقع “عمان جو” شادي سمحان، ورئيس تحرير وكالة الشريط الإخباري حسن صفيرة، والكاتب وليد حسني، ورسام الكاريكاتير عماد حجاج.
وازدادت وتيرة توقيف الصحفيين والإعلاميين بعد إعلان العمل بقانون الدفاع في 17 آذار/ مارس الماضي بسبب أزمة فيروس كورونا، والذي يمنح الحكومة صلاحيات واسعة تصل إلى تعطيل القوانين، ووضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والانتقال والإقامة، وإلقاء القبض، وتفتيش الأشخاص والأماكن والمركبات.