في محاولة لإيجاد حلول أزمة حقوق الإنسان المتنامية في مصر، نظمت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، بالتعاون مع مجلة بي، ومنظمة المصريون في الخارج من أجل الديمقراطية ندوة بعنوان “ما وراء الحوار: نظرة على أزمة حقوق الإنسان المتصاعدة في مصر” مساء الجمعة 16 يونيو/حزيران 2023.
الندوة، التي أدارتها ميليسا تيرنر، المؤسس المشارك والمحرر المشارك لمجلة Be Magazine ، ضمت نخبة من النشطاء والخبراء والصحفيين والفنانين، هم: سارة ليا ويتسن- المديرة التنفيذية لمنظمة ديمقراطية في العالم العربي الآن (DAWN) ، وسارة فلوندرز- المديرة المشاركة لمركز العمل الدولي، والدكتورة مها عزام – رئيسة المجلس الثوري المصري، ودينا صادق -باحثة في مختبر أبحاث الطب الشرعي الرقمي، وعبد الرحمن الجندي- كاتب وناشط مصري، وعمرو واكد- ممثل مصري، ورامي شعث – ناشط حقوقي مصري فلسطيني، ومحمد إسماعيل، مدير منظمة “مصريون في الخارج من أجل الديمقراطية”، وميسي كراتشفيلد- المؤسس المشارك والمحرر المشارك لمجلة Be Magazine ، والصحفية الفرنسية ألبين دي روشبرو.
شارك الناشط السياسي والمدافع المخضرم عن حقوق الإنسان رامي شعث تجربته المروعة في الاعتقال السياسي داخل السجون المصرية، والمنفى القسري الذي يعيش فيه حاليًا، مؤكداً التزامه الراسخ بالنضال من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في مصر.
وبالمثل، روى عبد الرحمن الجندي تجربته كسجين سياسي لمدة ست سنوات في مصر، مشيرًا إلى جهوده لمشاركة قصص السجناء السياسيين والدعوة إلى حريتهم مستغلًا تواجده في الخارج، وتحضيره ماجستير في الكتابة الإبداعية في جامعة بيتسبرغ.
كما شارك عمرو واكد، الممثل المصري الشهير، رحلته النضالية في منفاه والتي تسببت في الحكم عليه بالسجن العسكري غيابيًا، وعلى الرغم من التضييقات وتزايد المحن والمعاناة، أكد أنه لا يزال متفائلاً ويواصل الدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية في مصر.
أضافت ميسي كروتشفيلد صوتها، مؤكدة على الحاجة إلى قوة جماعية عالمية للتصدي لهذه الانتهاكات الحقوقية، مع تسليط الضوء على قوة الفنون في النضال من أجل العدالة، فيما شددت الدكتورة مها عزام رئيس المجلس الثوري المصري على ضرورة تسليط الضوء على الجرائم المرتكبة في مصر والدعوة للتغيير، كما شاركت تجربتها الشخصية في مواجهة تهم ملفقة تسببت في إصدار حُكم ضدها بالسجن لمدة 15 عامًا بتهمة تشويه صورة مصر دوليًا.
أما دينا صادق، الباحثة في مختبر أبحاث الطب الشرعي الرقمي، قدمت نفسها كباحثة شغوفة ملتزمة بتحديد وكشف المعلومات المضللة وانتهاكات حقوق الإنسان من خلال بحث مفتوح المصدر، لافتة أن عملها في المختبر يُركز على توثيق انتهاكات حقوق الإنسان ومكافحة التضليل الإعلامي.
أعربت سارة فلوندرز، المديرة المشاركة لمركز العمل الدولي، عن تقديرها وإعجابها بالأفراد الصامدين الذين تحملوا الاضطهاد وناضلوا ضده. مع أكثر من 50 عامًا من النشاط السياسي، كرست نفسها لمعارضة الحروب والغزو والاحتلال والهجمات الجوية التي تساهم في استدامة القمع في جميع أنحاء العالم، كما وجهت شكر خاص المناضلين والحقوقيين لدورهم الحيوي في الدفاع عن العدالة.
سلطت ألبان دي روشبرو، الصحفية ومستشارة العلاقات العامة الفرنسية، الضوء على عملها المكثف في مجال حقوق الإنسان وسيادة القانون والديمقراطية في مصر خلال العقد الماضي.
شارك محمد إسماعيل، مدير “مصريون بالخارج من أجل الديمقراطية”، خلفيته ودوافعه للانخراط في العمل الحقوقي والدفاع عن حقوق الإنسان، مشددًا على ضرورة تسليط الضوء على أصوات الموجودين في مصر والمساعدة في أن تصل للعالم أجمع.
وشكك إسماعيل في شرعية الحوار الوطني، متهمًا السيسي باستخدامه كواجهة لإرضاء النقاد الدوليين وتقديم وهم بالخطاب الديمقراطي، على الرغم من استمرار عمليات الاعتقال السياسي على نطاق واسع.
وانتقد إسماعيل المجتمع الدولي لغض الطرف عن هذه القضايا مقابل الاستقرار الجيوسياسي، مشيرًا إلى أن الحكومة المصرية تتلقى 1.3 مليار دولار سنويًا من مصادر أجنبية تدعم هذه الانتهاكات الحقوقية بشكل غير مباشر.
في بداية الندوة، تم عرض مقطع للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وهو يرفض طلب أحد نواب البرلمان بإصدار قائمة عفو رئاسية عن المعتقلين وإغلاق هذا الملف نهائيًا، مشددًا على أنه ليس لأحد محاسبته سوى “الله”.
تعليقًا على تصريحات السيسي بأن “الله وحده سيحاسبني”، قالت ميليسا تيرنر إن هذا التصريح مثالاً صارخًا للسلطة غير الخاضعة للرقابة، مبررًا احتجاز السجناء السياسيين باسم الأمن القومي.
كما أبدى المشاركون استيائهم من هذه التصريحات، وعلى رأسهم رامي شعث الذي ربط هذا بتجربته الشخصية التي كانت مثالًا على ثقافة الإفلات من العقاب التي يتمتع بها أفراد النظام المصري بما فيهم الضباط من الرتب العسكرية الصغيرة.
وأشار إلى أن هذا يرجع إلى المزايا الاستراتيجية والاقتصادية التي يقدمها رئيسهم للعالم، مما يديم معاملة النظام المسيئة للمصريين.
واتفق عبد الرحمن الجندي مع شعث، مشيرًا إلى استراتيجية مصر في نشر روايات مختلفة للجمهور المحلي والدولي، مشددًا على أهمية فضح هذا التكتيك، خاصة عندما يكون السرد الدولي صورة مضللة للحوار التقدمي والإصلاح.
فيما أشار عمرو واكد، الممثل البارز، إلى أن السيسي نجح في تصوير شعبه على أنه تهديد للاستقرار الإقليمي، مما يبرر إجراءاته القمعية.
وأشار واكد إلى أن رواية الرئيس، جنبًا إلى جنب مع الظروف اليائسة المتصاعدة في السجون المصرية، هي جزء من خطة أوسع لتخويف وترهيب المجتمع المصري الذي كان أكثر وحدة وتكاتف أثناء ثورة يناير 2011.
خلال الندوة، أعربت سارة ليا ويتسن تشكيكها في حقيقة نوايا النظام المصري: “مع تقدير جهود المشاركين في الحوار الوطني، من الضروري تجنب تصوير النظام المصري على أنه إصلاحي… أحذر العالم الغربي من الانخداع بعمليات تبييض النظام المصري لجرائمه”.
وأضافت “ربما يكون السيسي قد أفرج عن بعض المعتقلين، وهذا أفضل من لا شيء، لكن هذا لا يعفيه من كونه ديكتاتوراً قاتلاً…بالنظر إلى تاريخ النظام المصري يجب ألا نتأثر بوعود جوفاء… نعم، تم إطلاق سراح سجناء في العام الماضي، ولكن حدثت اعتقالات جديدة أيضًا، مما يؤكد مخاوفنا من نوايا النظام المصري.”
كما أكدت ويتسن على أن التعذيب وسوء المعاملة في مراكز الاحتجاز المصرية ليست حوادث منعزلة، بل ممنهجة وواسعة الانتشار.
كما سلطت ويتسون الضوء على معاناة المعتقلين من التيار الإسلامي بشكل خاص، مؤكدة أن “التضامن العالمي الحقوقي يجب أن يشمل المعتقلين من التيار الإسلامي، إنهم يواجهون ظروفًا مروعة داخل السجون المصرية، وبالرغم من ذلك يتلقون أقل اهتمام ودعم من الغرب”.
واختتمت حديثها قائلة “حتى الآن أرى أن الحوار الوطني المصري مجرد تمثيلية، لكن لا أريد إصدار حكم وأستبق الأحداث… ومع ذلك، فإن سلوك النظام في الماضي يشكك في مصداقيته وصدق نواياه”.
وشاركتها سارة فلوندرز الرأي، على الرغم من أنها اعترفت بأنها لا تملك “كرة بلورية” للتنبؤ بنقطة التحول، إلا أنها أكدت أن هذا الحوار الوطني الذي يرعاه السيسي غير حقيقي ومصطنع الهدف منه إرضاء المجتمع الدولي.
وأكدت فلوندرز أنه على الرغم من أن النظام الحالي، المبني أساسًا على القمع العسكري وليس على الدعم الشعبي، قد يتجاهل الاعتراف بنفوذنا، فإن أصواتنا لا تزال تُشكل قوة.
ولفتت إلى الدعم الشعبي المكثف للديمقراطية وحقوق الإنسان الذي انتشر في مصر في يوم من الأيام وأصرت على أنه لم يتم نسيان ذلك على الرغم من الإجراءات القمعية للنظام الحالي.
وعبرت فلوندرز عن حزنها العميق من استمرار المحنة المصرية لعشر سنوات كاملة، مؤكدة أنها فترة خاصة على المعتقلين وعائلاتهم، ومع ذلك أكدت أن استمرار المقاومة والنضال ضد النظام المصري بشكل أو بآخر يهز الأرض من تحته ويجعله غير مستقر وتقلل من مصداقية الديكتاتور السيسي.
كما تحدثت عن الدعم الغربي لمصر، لافتة إلى أن السبب وراء المساعدة العسكرية الأمريكية والتواطؤ الفعلي مع الديكتاتورية المصرية يرجع إلى الخلل الموجود في الإدارة الأمريكية بالفعل فيما يتعلق بحقوق الإنسان.
وشددت على أهمية تضافر الجهود واستمرار التواصل والتنسيق بين النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان من أجل خلق تغيير حقيقي وملموس بالنسبة لمصر.
الدكتورة مها عزام أكدت أن السلوك الذي نشهده من السيسي يدل على خوف ديكتاتور يسعى جاهداً لفرض السيطرة الهدف الرئيسي من ورائها هو خوفه من تكرار ثورة يناير 2011.
وحذرت الدكتورة مها من أن ينخدع العالم بمبادرات السيسي مثل الحوار الوطني أو استراتيجية حقوق الإنسان، حيث تستخدم في المقام الأول كواجهات لتهدئة النقاد والحلفاء الغربيين مثل الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، كما سلطت الضوء على الاستراتيجية الدورية للنظام، حيث يتم اعتقال العديد من السجناء مقابل كل سجين يُفرج عنه.
وشددت كذلك على تواطؤ الحكومات الغربية، التي تدرك الوضع جيدًا، ولكنها تسعى فقط إلى تغييرات تجميلية من شأنها أن تجعل التعامل مع نظام السيسي يبدو أكثر استساغة منذ انكشاف انتهاكاته الصارخة لحقوق الإنسان.
وخلال كلمتها، سلطت الدكتورة مها الأضواء على قضية الإعدامات، واصفةً مصر بأنها واحدة من أبرز منفذي الإعدام على مستوى العالم، لافتة إلى الطبيعة البشعة لهذه الاستراتيجية التي يستخدمها نظام السيسي، لا سيما في ظل غياب نظام عدالة عادل.
كما تحدثت عن أسلوب النظام في استهداف أفراد عائلات الناشطين كوسيلة لفرض السيطرة، مؤكدة على ضرورة تذكر هذه التكتيكات عند مناقشة انتهاكات حقوق الإنسان في مصر.
في كلمتها، شددت كراتشفيلد على أهمية حشد الشباب لمواجهة الأيديولوجيات القمعية، وتوحيد القضايا المتنوعة تحت راية حقوق الإنسان. وسلطت الضوء بشكل خاص على تقاطع الحركة النباتية مع قضايا مثل السجن الجماعي وحقوق المرأة والاستدامة البيئية.
واختتمت كراتشفيلد حديثها بسرد لقاء عقدته في واشنطن مع سناتور أمريكي وموظفيه في العلاقات الخارجية، حيث اعترفوا بأزمة حقوق الإنسان في مصر، لكنهم أكدوا أن مسؤولية نقل القصة للجمهور تقع على عاتق النشطاء، وليس النواب المنتخبين.
فيما أشار رامي شعث أنه منذ أن بدأ الرئيس السيسي الحوار العام الماضي، تم الإفراج عن 1636 حالة، ولكن تم أيضًا اعتقال 3622 اعتقالًا جديدًا، مما أدى إلى زيادة حوالي 2000 معتقل خلال العام، لافتًا أن المفرج عنهم يُمنعون في الغالب من السفر، ويتم تجميد أموالهم، ويعيشون في ظل قيود شديدة، غير قادرين على استئناف العمل أو التواصل بحرية دون أذونات أمنية.
ودعا شعث إلى العمل الجماعي، مؤكداً “لا يمكننا القيام بذلك كأفراد أو منظمات منعزلة… نحن بحاجة إلى حشد القوة والتركيز أكثر على الشعوب بدلاً من الحكومات”.
وانتقد شعث الحكومات المختلفة بسبب موقفها السلبي تجاه جرائم الرئيس السيسي، وأعرب عن قلقه من تعرض النشطاء خارج مصر للقمع والتهديد ومخاطر الاحتجاز نتيجة استغلال النظام المصري للإنتربول وجامعة الدول العربية.
وسلط الضوء على محنة الموجودين داخل البلاد، قائلاً: “الناس يعانون بكل الطرق التي يمكن تخيلها… يحضر الكثيرون الحوار الوطني بسبب تهديدات حياتهم أو أفراد أسرهم أو أعضاء حزبهم…مصر حقًا جمهورية الخوف بسبب التهديدات المستمرة “.
وأخيرًا، انتقد شعث التشدق بالكلمات حول تحسينات حقوق الإنسان دون أي تغيير سياسي جوهري، مؤكدًا أنه “لا يوجد تحسن في حقوق الإنسان بدون تغيير سياسي، بدون ديمقراطية حقيقية، وحرية حقيقية في التعبير، وسيادة القانون”، كما طالب بضرورة ملاحقة الجناة ومرتكبي جرائم حقوق الإنسان وفضحهم لإنهاء حالة الإفلات من العقاب المنتشرة في مصر.
أما الكاتب المصري والمعتقل السياسي السابق عبد الرحمن الجندي شدد في مداخلاته على أهمية نقل روايات الضحايا للعالم، خلال الترجمة والمشاركة على أوسع نطاق، للكشف عن الحقائق التي عادة ما تكون مخفية عن الجماهير الدولية.
وقال إنه من الأهمية بمكان تحدي الرواية التي قدمها الممثلون الرسميون، مثل السفراء والمسؤولين المصريين خلال زياراتهم للهيئات الدولية مثل الكابيتول هيل.
ثم تحدث عن تجربته الشخصية، موضحًا انشغاله بفكرة نقل الروايات المضادة لروايات النظام منذ أن كان في السجن، متسائلًا إلى أين تذهب القصص غير المروية عن مشاق السجناء ومعاناتهم إذا لم يتم توثيقها أو مشاركتها، لافتًا أن هذا السؤال هو الذي دفعه لبدء الكتابة حين كان سجينًا، معترفًا بالمسؤولية الأخلاقية التي شعر بها لرواية هذه القصص.
ولفت إلى الصعوبات التي يواجهها في نشر كتابه الذي يعمل على تأليفه حاليًا بسبب حجة دور النشر بأن مصر ليست في واقع اهتمام القارئ الغربي، لكنه أكد تمسكه بنشر الكتاب وعدم يأسه، مشددًا على أن “الشعوب سئمت من الإحصائيات والأرقام… القصة الجيدة ستظل قصة جيدة، والقصة التي تُروى بطريقة جذابة ستظل قصة جذابة…والناس يريدون قصصًا مؤثرة وليس أرقام وإحصاءات”، مضيفًا “قصة واحدة جيدة يمكن أن يكون لها تأثير كبير لأنني أعتقد أنه كلما كانت شخصية كلما كانت أكثر انتشارًا على المستوى العالمي… هذه هي القاعدة الذهبية التي أعمل بها طوال الوقت”.
وتحدث عن أمنيته في “تشكيل مجتمع ثقافي فني في الخارج من المبدعين المصريين على غرار الفنانين والكتاب الفلسطينيين – مجتمع من شأنه تسليط الضوء على الروايات المضادة لروايات الحكومة، وإخبار العالم بالنسخة الخاصة بنا.”
في كلمته، قارن عمرو واكد ما يحدث حاليًا في عصر السيسي بفترة 2011 الهادئة عندما انخفضت معدلات الجريمة حيث تولى المواطنون المسؤولية أثناء غياب الشرطة، مؤكدًا أن الغرب بحاجة إلى فهم تكتيكات السيسي الخادعة.
وألقى واكد الضوء على تجربته الشخصية، مشيرًا إلى أنه أُجبر على حظر 16000 حساب على Twitter على مدار السنوات الثلاث الماضية بسبب الإساءات المتكررة والتضييقات التي يفرضها النظام على المعارضين والنشطاء في الخارج.
وأشار إلى وجود مجتمع كبير من الفنانين والمبدعين المصريين في المنفى، بما في ذلك الروائي المشهور عالميًا علاء الأسواني وكاتب السيناريو بلال فضل.
وأعرب واكد عن رغبته في إنشاء صندوق لإنتاج الأفلام وإنشاء وكالة أنباء لمناصري حقوق الإنسان والديمقراطية في الشرق الأوسط، وشجع اتحاد القوى على تحدي آلة الدعاية المهيمنة، مؤكدًا أن الروايات والقصص الحقيقية لهؤلاء الفنانين يمكن أن تحشد الرأي العام.
وفي تسليط الضوء على تأثير بلال فضل، قال واكد إن فضل، بعد أن ظل في المنفى قرابة ثماني سنوات، أطلق قناة على يوتيوب تناقش الوضع المصري الحالي، وعلى الرغم من سيطرة النظام على شبكات إعلامية متعددة حارب قناة فضل بكل الطرق وعرض عليه هدنة رفضها بلال، لكن واكد أكد أن النظام بكل أدواته كان خائفًا من “يوتيوبر واحد”.
أكد محمد إسماعيل في مساهماته على أهمية ممارسة الضغط على الحكومة المصرية من خلال وسائل مختلفة، مثل الاستفادة من وجود المصريين في الولايات المتحدة والدخول في حوار مع صناع القرار.
وشدد إسماعيل على ضرورة الدعوة إلى إطلاق سراح السجناء السياسيين وإجراء إصلاحات ديمقراطية حقيقية، بدلاً من قبول مبادرات على سطحية تفتقر إلى الجوهر.
وتحدث إسماعيل عن تفاعله مع أعضاء الكونغرس الأمريكي، لافتًا أنه دعاهم إلى النظر في المسؤولية التي يتحملونها لدعم الحكومة المصرية مالياً، وحثهم على الاعتراف بمعاناة الشعب المصري وضرورة دعم تطلعاته في مجتمع أكثر عدلاً وديمقراطية.
وفي ختام مداخلته أعرب إسماعيل عن اعتقاده بأن الحوار الحقيقي لا يمكن أن يحدث إلا إذا أبدت الحكومة حسن النية بإطلاق سراح السجناء السياسيين وتهيئة بيئة من الثقة، مؤكدًا أن الذين شاركوا في الحوار الوطني دون أن يطالبوا بتغيير حقيقي كانوا إما ساذجين أو متواطئين في دعم رواية النظام الزائفة.
خلال الندوة، شاركت دينا صادق نتائج أبحاثها في مختبر DFR لافتة أن دراستها للبيئة الرقمية في مصر كشفت عن ثلاث نتائج رئيسية تتعلق بتلاعب الدولة بروايات حقوق الإنسان:
أولاً، تم اكتشاف أدلة على سلوك منسق من حسابات تويتر المشبوهة الموالية للحكومة بهدف صياغة تصور خاطئ عن الدعم الواسع للحكومة، تمتلك هذه الحسابات عددًا كبيرًا من المتابعين، وتنتج معدلات نشر عالية، وتشارك المحتوى المؤيد للحكومة بكثافة، مستغلة موضوعات تويتر الشائعة للترويج للروايات الحكومية.
ثانيًا، تم تسليط الضوء على الهجمات الخبيثة المنسقة، بما في ذلك حملات التضليل والتشهير ضد مدققي الحقائق والمدافعين عن حقوق الإنسان، لافتة أن هذه الهجمات تهدف إلى تشويه سمعة هؤلاء الأفراد والتشكيك في نواياهم، وبالتالي تقويض الرسائل العامة حول حقوق الإنسان في مصر.
ثالثًا، أشارت النتائج إلى الترويج الاستراتيجي للدعاية الموالية للحكومة حين يتعلق الأمر بفعاليات معينة. على سبيل المثال، ظهر وسم شائع بعد قرار الرئيس السيسي بالإفراج عن 85 سجينًا قبل رمضان وتقديم مساعدات مالية لأسرهم، على الرغم من أن هذه الإجراءات لا تمثل سوى تحول طفيف في سجل حقوق الإنسان في مصر، فقد تم تضخيمها عبر الإنترنت باعتبارها إصلاحات رئيسية.
أكدت صادق على التحديات المتمثلة في تحديد وتتبع هذه الحسابات، بالنظر إلى عددها الهائل والكم الهائل من المعلومات المضللة والمعلومات المضللة التي تولدها، وعلى الرغم من ذلك، شددت على الحاجة إلى إبقاء قضايا حقوق الإنسان هذه في دائرة الضوء.
في مداخلتها، أعربت الصحفية الفرنسية ألبين دي روشبرو عن خيبة أملها من تغطية وسائل الإعلام الغربية، وخاصة الفرنسية منها، للحوار الوطني المصري، مؤكدة أن الإعلام الغربي يعلم مدى سطحية هذا الحوار بالرغم من ذلك حاول إضفاء مصداقية عليه.
كونها فرنسية، ركزت دي روشبرو بشكل خاص على دور حكومتها وأعربت عن قلقها بشأن كيفية انعكاس هذه القضايا على الديمقراطية في فرنسا والدول الغربية الأخرى.
وشككت في الموقف الأخلاقي للدول التي تدعي الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان ومع ذلك يبدو أنها تتجاهل مثل هذه القضايا الواضحة.
كما ناقشت دي روشبرو عملها في فضيحة عملية سيرلي، وهي اتفاقية تعاون سرية بين فرنسا ومصر بدأت في عام 2016، وشملت العملية مساعدة فرنسا لمصر في أنشطة المراقبة على طول الحدود الليبية.
وعلى الرغم من المخاوف التي أثارها الضباط الفرنسيون بشأن إساءة استخدام هذه المعلومات في أعمال غير قانونية، استمرت العملية.
من وجهة نظرها، قالت دي روشبرو إنه كان من المفترض أن تؤدي الأدلة التي قدمتها وسائل الإعلام الفرنسية إلى فضح واستقالة الحكومة الفرنسية، ومع ذلك تجاهلت الحكومة.
في الختام، شدد دي روشبرو على الحاجة إلى الشفافية والمساءلة والحوار الديمقراطي في الشؤون الخارجية والدفاع، في كل من فرنسا وعلى الساحة الدولية.
قدمت الندوة منصة لهؤلاء المتحدثين لتبادل وجهات نظرهم وخبراتهم والجهود المستمرة لمعالجة أزمة حقوق الإنسان في مصر، كما سلطت رؤاهم الضوء على التحديات التي يواجهها النشطاء وأهمية التضامن الدولي في الدفاع عن العدالة وحقوق الإنسان في البلاد.
ودعا المتحدثون إلى إنهاء تواطؤ المجتمع الدولي في أزمة حقوق الإنسان في مصر، مؤكدين على أهمية تحدي روايات السيسي والتضامن مع الشعب المصري لتحقيق الاستقرار والسلام الحقيقي في المنطقة.