قوات التحالف استهدفت أكثر من 32 موقعا أثريا بشكل متعمد
قوات التحالف تجاهلت القواعد الناظمة للحرب مما أدى إلى وقوع خسائر بشرية ومادية فادحة
عقدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا ندوة على هامش الدورة 39 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف تحت عنوان “الصراع المنسي في اليمن: إنهاء الإفلات من العقاب” الأربعاء 19 سبتمبر/أيلول 2018، وشارك في الندوة عدد من المحامين والخبراء الدوليين المختصين في الشأن اليمني.
تركز الحديث على تقرير الأمم المتحدة الأخير، المنشور في 17 أغسطس/آب 2018، والذي أُعد من قبل فريق من الخبراء وتناول انتهاكات قوانين الحرب وقوانين حقوق الإنسان من كافة الأطراف المشاركين في الصراع.
المتحدثة الأولى كريستين هازلير -باحثة كبيره في المعهد البريطاني للقانون الدولي والقانون المقارن وخبيرة في التراث الثقافي- عبرت عن قلقها البالغ من استهداف قوات التحالف للمرافق الطبية والتعليمية والدينية والثقافية بشكل متعمد كما أشار إليه تقرير الأمم المتحدة، حيث لاحظ فريق الخبراء 32 حادثة في التقرير تتعلق بالمرافق المذكورة، وعلى الرغم من وجود قائمة في هذه المرافق لدى قيادة التحالف إلا أنه جرى تجاهلها بشكل متعمد .
مع التركيز بشكل خاص على تدمير التراث الثقافي في اليمن أشارت كريستين إلى أنه كما هو الحال في سوريا والعراق، يمكن اعتبار اليمن مهدًا للحضارة ويمكن تتبع تراثها الثقافي لعشرات الآلاف من السنين، ولطالما كانت اليمن نقطة اتصال مع القرن الأفريقي والهند ومصر واليونان القديمة والشرق الأوسط.
ونظرا للأهمية التراثية والثقافية لليمن تم الاعتراف على المستوى الدولي بثلاثة مواقع ثقافية على قائمة اليونسكو للتراث العالمي وهي: 1) مدينة زبيد التاريخية؛ 2) مدينة صنعاء القديمة؛ 3) ومدينة شبام.
أكدت كريستين أن جميع هذه المواقع تضررت بسبب النزاع اليمني، وكذلك مواقع أخرى على قائمة اليونسكو مثل سد مأرب، لكن التراث الثقافي لليمن يذهب إلى أبعد من ذلك فهناك أكثر من 50000 موقع أثري تم الإبلاغ عنها في اليمن والعديد من هذه المواقع تعرض للقصف والتدمير خلال الصراع مع النهب وفقدان الآثار البارزة بشكل لا يصدق، كما تم تدمير المتاحف خلال القصف، بما في ذلك المتحف الوطني في صنعاء ومتحف سمر الأثري الذي يضم أكثر من 12000 قطعة أثرية.
وشددت كريستين أن الخسائر الفادحة في التراث اليمني نتيجة الهجمات ليست خسارة فقط لليمن وأهله وإنما خسارة للمجتمع الدولي والإنسانية جمعاء، كما أنه بموجب القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، فإن الأعيان الثقافية بما في ذلك الأشياء مثل الآثار، وكذلك المباني، محمية بشكل خاص.
وفيما يتعلق بالمساءلة القانونية، أكدت كريستين أن الهجمات على المواقع التراثية والثقافية ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وختمت كريستين حديثها بأن التراث الثقافي يعتبر الآن عنصراً هاماً من عناصر حقوق الإنسان وأكدت اليونسكو على ذلك في بيان صدر عام 2003، حيث نص على أن “مواقع التراث الثقافي هي جانب هام من جوانب الهوية الثقافية للجماعات والمجتمعات والأفراد والتماسك الاجتماعي. . . قد يكون لتدميرها المتعمد نتائج سلبية على حقوق الإنسان “
وبالنظر إلى التقاعس الحالي من قبل المجتمع الدولي إزاء اليمن دعت كريستين مجلس حقوق الإنسان إلى اعتماد التوصيات التي قدمها الخبراء في التقرير وأن يضمن بقاء الحالة في اليمن على جدول أعمال المجلس.
كبيرة الباحثين أنيسا بلال في أكاديمية جنيف للقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان تحدثت عن تعدد الجهات الفاعلة في اليمن والتي تتحمل المسؤولية عن عملياتها في اليمن.
على وجه التحديد أكدت أنه بالإضافة إلى المشاركين الرئيسيين في الائتلاف، فإن الولايات المتحدة الأمريكية متورطة أيضًا نظرا لدعمها الملموس لعمليات التحالف، بالإضافة إلى فرنسا والمملكة المتحدة اللذين يقدمان أيضا دعما للتحالف في أوجه مختلفة من أهمها توريد الأسلحة، والدعم الأمني مما يجعل كل هؤلاء تحت طائلة خرق القانون الدولي الإنساني.
وفِي ختام حديثها دعت أنيسا إلى ضرورة تشكيل محكمة خاصة لملاحقة المسؤولين عن كافة الجرائم المرتكبة في اليمن، ونظرًا لخطورة بيع السلاح في زمن الحرب والصراعات الدائرة دعت إلى ضرورة مراجعة اتفاقية تجارة الأسلحة ووضع قيود صارمه على بيعها.