أطلقت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا نداء عاجل لكافة مؤسسات المجتمع الدولي والجهات الأممية ذات الصلة للتحرك الفوري لإنقاذ عشرات الفلسطينيين في حي الشيخ جراح في مدينة القدس من التعرض لموجة تهجير كبيرة بعد إصدار قرارات نهائية من المحكمة المركزية الإسرائيلية بطرد 7 عائلات فلسطينية من منازلهم.
وكان أهالي الشيخ جراح قد نظموا وقفة احتجاجية عصر الجمعة 19 مارس/آذار الجاري تعبيراً عن رفضهم للسماح لقوات الاحتلال بالاستيلاء على أراضي الحي، وبدورها دعت المنظمة جميع المؤسسات الحقوقية وأصحاب الضمائر الحية في العالم للتضامن مع تلك العائلات والعمل على وقف تنفيذ هذه القرارات.
وأوضحت المنظمة أن العائلات المقدسية السبعة -بحسب القرارات- عليهم تسليم منازلهم للمستوطنين بعد رفض المحكمة المركزية النظر في طلبات التماسهم على قرارات الإخلاء، حيث كان قد صدر في سبتمبر/أيلول الماضي قرار بإخلاء 4 عائلات من الحي، وهم عائلات اسكافي، الكرد، الجاعوني والقاسم، وبعد حوالي شهر تم إصدار قرار مشابه بإخلاء 3 عائلات أخرى وهم عائلات حماد، الدجاني، وداوودي.
وبينت المنظمة أن محكمة الاحتلال المركزية رفضت بصورة نهائية وتعسفية طلبات الاستئناف، وأصدرت قرارها في منتصف الشهر الماضي بضرورة إخلاء المجموعة الأولى لمنازلهم قبل حلول 02/05/2021، فيما يجب على عائلات المجموعة الثانية إخلاء منازلهم بتاريخ 01/08/2021، مع إلزام كل عائلة بدفع مبلغ 20 ألف شيكل (ما يعادل 6050 دولار) كتعويض للمستوطنين.
وأكدت المنظمة أن ما تتعرض له عائلات حي الشيخ جراح هو انتهاك صارخ للقوانين والمعاهدات والاتفاقات الدولية، وتزييف واضح للتاريخ، فالحي تسكنه عائلات مقدسية منذ مئات السنين، انضم إليهم عائلات أخرى في منتصف خمسينيات القرن الماضي ممن هجروا قسرياً من منازلهم في يافا وحيفا وفقاً لاتفاقية عقدت بين الحكومة الأردنية ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” عام 1956.
بموجب الاتفاقية المُشار إليها، انتقلت 28 عائلة فلسطينية من المهجرين إلى السكن في حي الشيخ جراح بعد قيام الحكومة الأردنية ببناء منازل خاصة لهم على أراض الحي، ووفقاً لبنود الاتفاقية كان من المفترض أن تُسلم العائلات صكوك ملكية لتلك الأراضي بعد ثلاث سنوات، لكن لم يتم تسليم الصكوك حتى الآن، رغم ادعاء الخارجية الأردنية تسليم الوثائق المطلوبة للسفارة الفلسطينية بالأردن عام 2019، لكن الخارجية الفلسطينية لم توضح موقفها حتى الآن.
ولفتت المنظمة إلى أن انتقال العائلات الفلسطينية المعنية لحي الشيخ جراح كان قبل الاحتلال الإسرائيلي للقدس بعشر سنوات، ما ينفي أي ادعاءات إسرائيلية بملكية هذه الأراضي لعائلات يهودية، بل لم يقدم المستوطنون الذين يطالبون بإخلاء هذه المنازل أي صكوك ملكية تؤكد امتلاكهم تلك الأراضي، في حين قدمت العائلات الفلسطينية وثيقة عثمانية تؤكد ملكية الأرض لعائلة حجازي الفلسطينية، لكن محكمة الاحتلال تجاهلت الأمر بشكل كامل.
وشددت المنظمة على أن قرارات الإخلاء تؤكد منهجية حكومة الاحتلال في السيطرة على عقارات الفلسطينيين في القدس بكافة الوسائل من أجل تهجير الفلسطينيين وتغيير هوية القدس العربية.
وذكرت المنظمة أن نحو 28 عائلة فلسطينية يقطنون حي الشيخ جراح مهددون بالتهجير في أي لحظة، فإن نجحت قوات الاحتلال في طرد العائلات السبع، ستسعى جاهدة لطرد بقية الفلسطينيين من المنطقة وستقوم بانتزاع هذه الأراضي التي لم تقدم أي وثيقة رسمية تؤكد أحقية الإسرائيليين فيها.
ولفتت المنظمة أن هذه الممارسات تأتي ضمن خطة تهويد القدس التي تسعى إليها قوات الاحتلال منذ حرب 1948، وتبذل في سبيل ذلك كل الحيل غير القانونية، وتنتهج كافة الممارسات غير الشرعية من أجل محو كل ما هو فلسطيني في المدينة المحتلة، إذ تهدف عمليات الإخلاء تلك إلى إقامة مستوطنة من 200 وحدة على أنقاض منازل الفلسطينيين.
ودعت المنظمة الحكومة الأردنية إلى التجاوب مع محامي عائلات المهددين بالتهجير وتزويدهم بالوثائق المطلوبة التي تثبت ملكيتهم وموجوده في حوزة وزارة الأشغال الأردنية.
وبالحديث عن المخططات الاستيطانية، لفتت المنظمة أن “جمعية عطيرات كوهانيم” الاستيطانية المتطرفة، تسعى الآن لتحويل قصر المفتي الحاج أمين الحسيني -البالغ مساحته 500 متراً- في حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة إلى كنيس، ومضاعفة عدد الوحدات الاستيطانية في محيط القصر من 28 إلى 56 وحدة، فضلاً عن عمليات الحفر والهدم الأخرى الذي يعتدي بها الاحتلال على الأراضي الفلسطينية ضمن تقسيم 1948.
وأكدت المنظمة أن تلك الإجراءات تخالف بما لا يدع مجالاً للشك الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية لاهاي واتفاقيات جنيف والعهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية والثقافية، وكذلك لقواعد القانون الدولي الخاصة بقانون الاحتلال الحربي، وهي القواعد التي تحدد اختصاصات الاحتلال العسكري وسلطته وتحصرها في الإدارة اليومية فيما لا يخل بالوضع الديموغرافي للأراضي المحتلة أو التدخل في سيادتها، وعليه فإن سياسات التهويد وقرارات ضم الأراضي المقدسية هي قرارات باطلة.
وحذرت المنظمة من استمرار الموقف الصامت الذي تتخذه السلطة الفلسطينية والحكومة الأردنية، مؤكدة أن عدم إظهار تلك الوثائق يهدد مصير مئات الفلسطينيين ويعرضهم لموجة تهجير ثانية لا تقل قسوة عن تلك التي عقبت النكبة الكبرى في 1948.
وشددت المنظمة على ضرورة تقديم كافة الملفات الخاصة بعملية تهجير العائلات وهدم المنازل في القدس بشكل عاجل إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة كافة المسؤولين عن هذه الجريمة بما فيهم القضاة الذين يلعبون دورا مهما في سيطرة المستوطنين على عقارات الفلسطينيين في القدس المحتلة.