تحل اليوم الذكرى العاشرة لمذبحة رابعة العدوية في مصر، والتي لا تزال آثارها وتداعياتها المأساوية مستمرة حتى الآن، لتذكرنا بوقائع الوحشية والعنف الممنهج الذي راح ضحيته ما لا يقل عن 1200 متظاهرًا برصاص قوات الأمن المصرية من الجيش والشرطة، خلال ساعات في ميدان رابعة العدوية، وميدان النهضة ومختلف مقار التظاهرات المعارضة في المحافظات المصرية.
الممارسات الصارخة والمروعة التي ارتكبتها قوات الجيش والشرطة المصرية في ذلك اليوم ترتقي إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية، حيث تم التخطيط للمذبحة خلال أسابيع والتمهيد لها عبر حملة تحريض إعلامية مكثفة لتشويه وشيطنة المعتصمين، من خلال كافة وسائل الإعلام الموالية للانقلاب العسكري في مصر وذلك بعد إغلاق كافة القنوات والصحف المعارضة والمحايدة في مصر، ليتم تنفيذ المجزرة بعد ذلك بشكل ممنهج ومدروس لقتل مئات المحتجين السلميين.
الحكومات المصرية المتعاقبة التي تلت الانقلاب العسكري عملت على تأمين عدم محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم، وتعطيل نظام العدالة بشكل كامل، وبينما يواجه الضحايا والمعارضون أحكام قضائية مسيسة تصل إلى الإعدام، مازال الجناة مفلتون تماما من العقاب، دون أن يواجه واحدا منهم أي مساءلة قانونية.
تلت تلك المذبحة عمليات قتل جماعية أخرى في العديد من المحافظات المصرية، واتبعت السلطات المصرية نهجا دمويا في التعامل مع التظاهرات السلمية أسفر عن مقتل المئات في أماكن ومناسبات متفرقة، واعتقلت عشرات الآلاف من المعارضين، وتفشى وباء التعذيب والإهمال الطبي للمعتقلين في مقار الاحتجاز المصرية، حيث تحولت تلك المقار إلى مقاصل إعدام تسحق أرواح المعتقلين يوما بعد يوم.
الموقف الدولي الهزيل من تلك المجزرة شجع النظام المصري على الاستمرار في وحشيته وفي تجاوز حقوق الإنسان وقمع الحريات الأساسية في مصر، وحتى الآن لم تفلح أي من المطالبات أو الانتقادات الدولية “الخجولة” في وضع حد لجرائم النظام المصري أو إطلاق سراح عشرات الآلاف من السجناء السياسيين.
إن المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا وبعد عشر سنوات على تلك المجزرة تعلن تضامنها مع جميع المنظمات والفعاليات الحقوقية والمدافعين عن حقوق الإنسان في مصر الذين يعملون بشجاعة لتسليط الضوء على “مذبحة رابعة العدوية” وممارسات النظام المصري الإجرامية ضد حقوق الإنسان.
مهما مرت السنوات لا يمكن أن ننسى أبدًا تلك الأرواح التي قُتلت بلا رحمة وتلك العائلات التي فقدت أحبائها، ولن يكون هناك إغفال لمأساة مذبحة رابعة العدوية في تاريخ مصر وفي ضمير العالم، ولن تنجح محاولات النظام عبر حملاته الإعلامية وإنتاجه مسلسلات أو أفلام في تزييف الحقيقة، وشيطنة الضحايا، وتبرأة الجناة، فشهود المذبحة مازالوا أحياء، والجريمة موثقة بمئات الأدلة المصورة، وعشرات التقارير الحقوقية والإعلامية التي رصدت الجريمة الكاملة وحددت الجناة.
إن المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا تدعو كافة الإعلاميين والصحفيين والقادة والأحزاب السياسية والمدافعين عن حقوق الإنسان حول العالم ومنظمات المجتمع المدني إلى الوقوف بجانب ضحايا مذبحة رابعة العدوية وأسرهم، والضغط على المجتمع الدولي من أجل اتخاذ مواقف صارمة تجاه هذا النظام الذي ارتكب أفدح الجرائم ولا زال أركانه يفلتون من العقاب.