طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش، السلطات القطرية، بإجراء محاكمة عادلة لمواطن أردني، وذلك بعد أن تجاهلت محكمة قطرية مزاعم موثوقة حول اعترافات انتزعت منه عبر الترهيب والإكراه، وفق قولها.
ورأت المنظمة في بيان لها، أن “على السلطات القطرية إجراء محاكمة عادلة لمواطن أردني يدعى عبدالله ابحيص (35 عامًا) كان قد استأنف حكماً بالسجن لمدة خمسة أعوام بتهمة إساءة استخدام الأموال والرشوة، فيما تجاهلت المحكمة الابتدائية، والتي عقدت جلساتها في إبريل الماضي، المزاعم الموثوقة حيال اعترافاته التي انتزعت منه من قبل ضباط المباحث القطرية عبر الترهيب والإكراه”.
وأشارت إلى أن ابحيص – الذي كان يشغل منصب مدير الإعلام والاتصالات لمنظمي استضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 – قد وجّهت إليه تهم تتعلق بطلب رشوة لمنح عقود، فيما أكد ابحيص أن الاتهامات جاءت على خلفية انتقامية، وذلك بسبب انتقاده لتعامل السلطات القطرية مع إضرابات العمال الوافدين في العام 2019، والتي وثّقتها المنظمة.
وانتقد نائب مدير قسم الشرق الأوسط في “هيومن رايتس وتش” مايكل بيج، السلطات القطرية “بسلبها حق ابحيص الحصول على محاكمة عادلة، وذلك عبر إجراءات تثير مخاوف جادة بشأن نظام العدالة في قطر”.
وقال بيج إن “على السلطات القطرية التحقيق على الفور بمزاعم انتزاع اعترافات ابحيص بالترهيب والإكراه، وما إذا كانت السلطات القطرية قد استخدمت النظام القضائي في قطر للانتقام من موظف بسبب انتقاداته الداخلية”.
وأكدت المنظمة أنها قد اطلعت على ملف قضية ابحيص، وحكم المحكمة الصادر بحقه، إضافة إلى شهادة أربعة شهود، ووثائق أخرى، “حيث يشير الحكم الصادر إلى أن المحكمة قد استندت في حكمها على اعترافاته – موضع التشكيك – والتي بناء عليها ادين بتهمة الرشوة، وانتهاك سلامة المناقصات والأرباح، والإضرار المتعمد بالمال العام، حيث أصدرت محكمة قطرية في ابريل الماضي حكما بالسجن على ابحيص لمدة خمس سنوات، وغرامة مالية قدرها 150 ألف ريال قطري أي ما يعادل 41197 دولارًا أمريكيًا”.
وأضافت أن “المحكمة تجاهلت المزاعم الموثقة بأن ضباط إدارة المباحث الجنائية القطرية، قد منعوه من الاتصال بمحامي، وأجبروه على التوقيع على اعترافات، ولم تتجاوب المحكمة مع طلب محامية برفض هذه الاعترافات التي انتزعت بالإكراه”، مؤكدة أن “تحليل وثائق المحكمة، وشهاداتها، يشير إلى أن بقية الأدلة ضد ابحيص كانت غامضة وظرفية ومتناقضة”.
ولفتت المنظمة إلى إن التهم التي وجهت إلى ابحيص، وشقيقة المقيم في تركيا، ومواطن تركي، تتعلق بمناقصة لخدمات وسائل التواصل الاجتماعي، كانت قد طرحتها اللجنة العليا المنظمة لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022.
وكان ابحيص قد تحدث إلى منظمة “هيومن رايتس وتش” في نوفمبر 2019، حيث أكد أنه في يوم اعتقاله، كان قد قصد اجتماعًا مع اللجنة العليا المنظمة للبطولة، ليجد في انتظاره ستة ضباط شرطة قطرية، حيث قاموا بتقييده، واقتادوه إلى مبنى المباحث في منطقة الدحيل شمال الدوحة، ولم يسمحوا له بالاتصال بعائلته، وعندما طلب الاتصال بمحامي، قالوا له: “سوف نكسر ساق المحامي قبل أن يدخل إلى هذا المبنى”.
ووفق شهادته؛ فقد أجبر ابحيص على التوقيع على اعترافات لم يدلِ بها، وذلك بعد أن تم تخييره ما بين التوقيع على الاعترافات – التي قام ضباط المباحث بصياغتها – وإما نقله إلى مبنى أمن الدولة (المخابرات القطرية) حيث يعرفون كيف يحصلون منه على الاعتراف، بحسب بيان المنظمة، التي لفتت إلى أن أحد الضباط قال له: “إذا وقّعت على الاعترافات؛ فيمكنك العودة إلى منزلك، بدلاً من أن تبقى هنا ستة أشهر دون أن يعلم بمكانك أحد، وقد وافق في تلك المرحلة على التوقيع”.
وأكد ابحيص أنه بعد قيامه بالتوقيع على الاعترافات، تم اقتياده الى منزله، حيث أجبر على التوقيع على إذن يخوّلهم تفتيش منزله، حيث قاموا بمصادرة جميع أجهزة الهواتف الخاصة به، وجهاز الكمبيوتر المحمول، والأجهزة اللوحية، كما منعوه من رؤية زوجته وأطفاله، قبل أن يعاودوا اقتياده من منزله إلى مبنى المباحث، حيث تم إيداعه في زنزانة مساحتها 6*4 أمتار مع 14 معتقلاً آخر.
وأكدت المنظمة على أن ابحيص، كان قد تلقى في يوم 18 يناير 2021 بريدًا الكترونيًا من المحكمة الابتدائية يطلب منه حضور الجلسة الأولى من محاكمته في اليوم التالي، وقد قدّم المحامي الذي حضر معه طلبًا للحصول على نسخ من ملف القضية، حيث حصل عليه بعد فترة وجيزة، وتم عقد جلسة في 2 فبراير، وكذلك في 17 فبراير، و4 مارس الماضي.
وقال ابحيص إنه في جلسة 4 مارس الماضي؛ أنهى القاضي الإجراءات بشكل مفاجئ، وأعلن أنه سوف يصدر حكمًا في جلسة 19 ابريل الماضي، كما لم يمنح ابحيص أي فرصة للتحدث امام القاضي، كما رفض القاضي التماسًا من محامية لعرض مرافعة الدفاع.
وأشار ابحيص إلى أن المحكمة قد وجدت ابحيص مذنباً بإساءة استخدام الأموال العامة، والرشوة، والتواطؤ لارتكاب جريمة الرشوة والحاق الضرر باللجنة العليا، كما أدانت المحكمة شقيق ابحيص غيابيًا، وبرأت المتهم الثالث «تركي الجنسية» الذي أكد ابحيص أنه لا يعرفه ولم يلتقِه، ولم يسمع اسمه من قبل طيلة حياته.
كما رفضت المحكمة القطرية التماساً كان قد تقدم به ابحيص، لنقض الاعترافات التي استندت عليها المحكمة، والتي انتزعت منه تحت التهديد والاكراه اثناء الاستجوابات التي خضع لها في مبنى المباحث وامن الدولة، وحرم خلالها من حضور محام.
وقالت هيومن رايتس وتش إنه لا يمكن إجراء محاكمة عادلة عندما لا يكون للمتهمين حق الحصول على محام، والوصول الفوري إلى الأدلة المستخدمة ضدهم، وكذلك الوقت والموارد للتحضير للخضوع للمحاكمة. أو إذا تم استخدام الإكراه لإدانتهم.