يواصل النزاع المسلح في السودان حصد أرواح المدنيين الأبرياء وسط غياب المساءلة الدولية وعدم اتخاذ أي خطوات جادة لوقف المجازر وانتهاكات حقوق الإنسان المستمرة من قبل الأطراف المتحاربة.
وأعلن الجيش السوداني يوم الخميس أن هجومًا عشوائيًا شنته قوات الدعم السريع (RSF) في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، أسفر عن مقتل خمسة أطفال وإصابة أربع نساء بجروح متفاوتة.
وبحسب بيان عسكري، استهدفت قوات الدعم السريع عدة مواقع في المدينة، مما دفع الجيش إلى شن عملية تمشيط عسكرية، تمكن خلالها من الاستيلاء على مركبتين قتاليتين تابعتين لقوات الدعم السريع.
تعد مدينة الفاشر مركزًا إنسانيًا حيويًا لإقليم دارفور، لكن الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع تصاعدت هناك بشكل كبير منذ اندلاع الحرب في أبريل/نيسان 2023، ورغم تحقيق الجيش السوداني مكاسب ميدانية في الخرطوم وبعض المناطق الأخرى، إلا أن قوات الدعم السريع لا تزال تسيطر على معظم مناطق دارفور.
وقد أودى هذا النزاع المستمر بحياة أكثر من 20,000 شخص وفق التقديرات الرسمية، فيما تشير أبحاث أمريكية إلى أن العدد الفعلي قد يصل إلى 130,000 قتيل، إضافة إلى نزوح 15 مليون شخص، ما يجعل الأزمة السودانية واحدة من أكبر الكوارث الإنسانية في العالم.
أدان مجموعة Renew Europe في البرلمان الأوروبي الاستخدام الواسع للعنف الجنسي كسلاح حرب خلال النزاع في السودان، محذرين من أن النساء والأطفال يواجهون أخطارًا غير مسبوقة، وطالبت المجموعة مجلس الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات فورية على المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة.
ووفقًا لتقارير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، فإن حوالي 12.1 مليون شخص في السودان معرضون لخطر العنف القائم على النوع الاجتماعي.
وسجلت المنظمة 221 حالة اغتصاب لأطفال منذ العام الماضي، من بينهم 16 ضحية دون سن الخامسة، مما يعكس حجم الجرائم والانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال والنساء في السودان.
في ذات السياق، صوّت البرلمان الأوروبي على قرار عاجل يدعو الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء إلى دعم تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في دارفور.
كما طالب القرار بزيادة المساعدات الإنسانية للسودان والدول المجاورة، إضافة إلى تقديم دعم مالي مباشر للناجين من العنف الجنسي.
ودعا البرلمان إلى ضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق، محذرًا من أن ثلثي سكان السودان يواجهون خطر المجاعة الحادة نتيجة الحصار المفروض على بعض المناطق وانعدام الخدمات الأساسية.
كما طالبت عضوة البرلمان الأوروبي هيلدي فوتمانس بضرورة تحرك أوروبي فوري وحازم، مؤكدة أن أوروبا تجاهلت الأزمة في السودان لفترة طويلة جدًا.
وقالت فوتمانس:
“العنف الجنسي يدمر المجتمعات بالكامل. إلى متى ستظل أوروبا تتجاهل هذه الكارثة؟ اليوم، نرسل رسالة واضحة: أوروبا يجب أن تتحرك. وقف إطلاق النار أصبح ضرورة عاجلة. نطالب بفرض عقوبات على مجرمي الحرب، وتوسيع حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة ليشمل كامل السودان. يجب حماية النساء والأطفال من العنف الجنسي، ويجب أن يتوقف ذلك فورًا.”
من جانبهم، دعت منظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية المدنيين في السودان، وضمان محاسبة المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات الجسيمة بحق الشعب السوداني، وأكد الخبراء أن التخاذل الدولي في مواجهة الأزمة السودانية سيؤدي إلى تفاقمها، ويعرض ملايين المدنيين للخطر، مشددين على ضرورة التحرك الفوري قبل أن تتحول السودان إلى مأساة إنسانية غير مسبوقة في العصر الحديث.