نظمت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا مساء الثلاثاء 13 يونيو/حزيران 2023 ندوة بعنوان “حان الوقت للجنائية الدولية أن تحقق العدالة للفلسطينيين” لمناقشة الاستراتيجيات الممكنة للضغط على المحكمة الجنائية الدولية لاتخاذ تدابير فعالة لضمان العدالة للشعب الفلسطيني الذي يعاني من انتهاكات أبسط حقوقه على يد الاحتلال الإسرائيلي الذي يفرض عليه نظام فصل عنصري تعسفي مع تصاعد ملحوظ في استخدام القوة المميتة.
أدارت الندوة الباحثة في جامعة أكسفورد رُبى صليبي، التي بدأت كلمتها بالإشارة إلى الرسالة التي وجهتها المنظمة مؤخرًا إلى الجنائية الدولية طالبت فيها المدعي العام كريم خان بمواصلة العمل من النقطة التي انتهت عندها المدعية السابقة فاتو بنسوده فيما يتعلق بالملف الفلسطيني.
بدأت الندوة بكلمة من السيد محمد جميل، رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، وفي كلمته سلط الضوء على الممارسات الإجرامية المستمرة التي ترتكبها قوات الاحتلال في تجاهل واضح للقانون الدولي الإنساني، لافتًا إلى حجم الخسائر الكارثي الذي ينتج عن هذه الممارسات، بدءً من سقوط أرواح المئات من الفلسطينيين بينهم نساء وأطفال وشيوخ، بالإضافة إلى الخسائر المادية في المنازل والبنية التحتية.
وأعرب جميل عن قلقه العميق من استمرار الأنشطة الاستيطانية للاحتلال، مثل المشروع الأخير المعلن لبناء مستوطنة في منطقة E1 ، مشددًا على مما سيقضي على أي تواصل بين “الضفة الغربية المقطعة الأوصال والقدس”.
الكلمة التالية كانت لكيرستن بايز، منسقة التواصل المحلي للحملة ضد تجارة الأسلحة (CAAT) في المملكة المتحدة، لفتت فيها الانتباه إلى دور صادرات الأسلحة في تفاقم الصراع.
وشددت على ضرورة إنهاء التواطؤ في إنتاج وتجارة الأسلحة والطائرات الإسرائيلية بدون طيار، كما سلطت الضوء على تنامي الحراك الداعي إلى الوقف الكامل لتصدير الأسلحة لإسرائيل.
وانتقدت بايز الاهتمام الانتقائي لوسائل الإعلام، خاصة خلال العدوان الإسرائيلي على غزة أو الهجمات الوحشية الكبرى التي يشنها ضد المدن الفلسطينية، لافتة إلى أن هذا يرجع إلى نهج الحكومة الإسرائيلية في قمع الصحافة.
ودعت بايز إلى وضع حد لاستخدام الأسلحة المصدرة إلى إسرائيل لاستخدامها في ارتكاب جرائم حرب، مشددة على ضرورة تحسين نظام تصدير الأسلحة، لا سيما في ضوء الافتقار إلى الشفافية في نظام الترخيص المفتوح في المملكة المتحدة.
أما الدكتور نادية نجاب، الأكاديمية في جامعة إكستر، ركزت في كلمتها على غياب العدالة وتفشي الإفلات من العقاب الذي يتمتع به الاحتلال الإسرائيلي، منتقدة التقاعس الدولي الذي تسبب في عدم تحقيق العدالة للفلسطينيين حتى الآن.
وسلطت الضوء على المحاولات الإسرائيلية لإخراس الرواية الفلسطينية بشتى الطُرق، مع الترويج للرواية الإسرائيلية على نطاق دولي واسع، “الأمر الذي يساهم في إنكار الانتهاكات والجرائم الإسرائيلية”.
وعبرت الدكتورة نادية عن قلقها إزاء صمت المجتمع الدولي بشأن تأثير القوانين التعسفية الإسرائيلية على الفلسطينيين، مؤكدة على ضرورة إيجاد نهج شامل يعترف بتجارب ونضالات الشعب الفلسطيني.
كما سلطت الدكتورة الضوء على الحاجة إلى الوحدة بين الفلسطينيين ومجموعات التضامن الأخرى، مشددة على أهمية هذه الخطوات الصغيرة التي ستساهم بلا شك في دعم الصورة الأكبر للمقاومة والنضال نحو إنهاء الاحتلال.
قدم الدكتور رمزي بارود، الصحفي الفلسطيني الأمريكي ومحرر The Palestine Chronicle ، رؤى ثاقبة حول اختصاص المحكمة الجنائية الدولية فيما يتعلق بالجرائم الواقعة في فلسطين وإسرائيل، موضحًا نقاط الضغط والإجراءات المحتملة داخل المحكمة الجنائية الدولية، مؤكدًا على الحاجة إلى الضغط السياسي والتعاون مع أولئك الذين يمارسون الضغط من أجل فلسطين.
وسلط الدكتور بارود الضوء على ازدواجية معايير المحكمة الجنائية الدولية، إذ قارن بين الاستجابة السريعة لقضايا مثل روسيا وأوكرانيا وفي المقابل تباطؤ واضح وملحوظ حين يتعلق الأمر بالفلسطينيين، لافتًا أن بعض الدول الأعضاء في المحكمة من حلفاء إسرائيل، يستغلون نفوذهم من أجل عرقلة أي جهود لصالح القضية الفلسطينية.
سارة ويلكنسون، ناشطة مؤيدة للفلسطينيين والقضية الفلسطينية من المملكة المتحدة، شاركت تجاربها الشخصية في مجال التضامن مع الفلسطينيين في الغرب، وعقدت مقارنة بين حجم الوعي بالقضية الفلسطينية قديمًا، وخلال السنوات الأخيرة.
وسلطت ويلكنسون الضوء على القمع الذي يواجهه المؤيدين للقضية الفلسطينية في كل مكان، سواء بالاعتقال أو المطاردة أو حتى الحرمان من الحديث والتعبير عن الرأي، مع ذلك، أكدت على أن إيمانها بالأمل يقلل من إحباطها، خاصة وأن الوعي بمعاناة الفلسطينيين زاد في الفترة الأخيرة بشكل ملحوظ.
كما تحدثت ويلكنسون عن حركة إنهاء التواطؤ في إنتاج الأسلحة والطائرات وتصديرها لإسرائيل، مشددة على أهمية حصول الإجراءات الفلسطينية على الدعم الدولي، مؤكدة أنه بدون إنفاذ القانون الدولي، يصبح وجوده موضع تساؤل عن حقيقة أهميته والفائدة منه.
كما أعربت ويلكينسون عن إحباطها بسبب عدم إحراز تقدم في معالجة القضية الفلسطينية داخل مؤسسات مثل المحكمة الجنائية الدولية والأمم المتحدة، وسلطت الضوء على الحاجة إلى إجراءات ملموسة بدلاً من قرارات لا تدخل حيز التنفيذ.
واختتمت الندوة بكلمة من الدكتور رالف وايلد، الأستاذ المشارك في كلية الحقوق بجامعة لندن، سلط فيها الضوء على تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة الأخير لطلب رأي استشاري من محكمة العدل الدولية بشأن الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدًا أن الاحتلال غير قانوني في وجوده وسلوكه، داعيًا إلى إنهائه على الفور.
وأوضح الدكتور وايلد أنه بينما لا تستطيع محكمة العدل الدولية تحديد المسؤولية الجنائية الفردية، فإنها تتحمل مسؤولية معالجة انتهاكات القانون الدولي وتقييم الإجراءات التي لا تؤدي بالضرورة إلى المسؤولية الجنائية الفردية.
وسلط الضوء على القضايا الأساسية المتعلقة بالشرعية وعدم الشرعية المحيطة بالاحتلال، مؤكداً كيف أنه يعيق الحكم الذاتي للفلسطينيين وينتهك حقهم في تقرير المصير.
واُختتمت الندوة عبر الإنترنت بدعوة جماعية للمحكمة الجنائية الدولية للوفاء بولايتها وتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني. وأكد المتحدثون على أهمية التضامن العالمي والضغط السياسي وزيادة الوعي لإحداث تغيير حقيقي.