تتواصل حالة تدهور الأوضاع في السجون المصرية، مع استمرار سقوط ضحايا جراء التعذيب والإهمال الطبي المتعمد، إضافة إلى سوء ظروف الاحتجاز، وتعريض السجناء للعزل الانفرادي، وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان.
في استمرار لمسلسل الوفيات في سجون النظام المصري بسبب الانتهاكات التي يتعرض لها سجناء الرأي؛ لفظ المعتقل السياسي المحامي علي عباس بركات أنفاسه الأخيرة، نتيجة الإهمال الطبي، حيث تم تركه في غيبوبة لمدة يومين داخل محبسه قبل نقله إلى العناية المركزة.
وقالت زوجته إن بركات تعرض لغيبوبة كبدية كاملة في 10 يونيو/حزيران الجاري، ونُقل إلى مستشفى سجن بدر (قرب العاصمة القاهرة) في حالة فقدان كامل للوعي، بعد تدهور حالته الصحية نتيجة إصابته بمرض فيروس سي.
وأضافت أنه قبل يومين من نقله؛ شعر بتعب شديد داخل سجن القناطر، وظل داخل الزنزانة دون تدخل طبي رغم أنه مريض كبد.
ولم تتمكن أسرة بركات من الاطمئنان عليه أو زيارته، بجانب أنه لم يحضر جلسة النظر في أمر تجديد حبسه بسبب ظروف مرضه.
والضحية محبوس احتياطياً (تعسفياً) على ذمة القضية رقم 670 لسنة 2022 منذ اعتقاله في ديسمبر/كانون الأول 2016 بالمنوفية، إذ صدرت بحقه عدة أحكام في أكثر من قضية، ولكن تم الاستئناف على جميع الأحكام وقبول الاستئنافات وحصوله على البراءة، فيما كانت آخر الأحكام لصالحه في مايو/أيار 2022.
وعقب البراءة الأخيرة؛ نُقل بركات من سجن ملحق وادي النطرون في 17 يونيو/حزيران 2022 إلى قسم شرطة بندر شبين الكوم، ثم إلى قسم شرطة منوف تمهيدا لخروجه، ولكن فوجئت أسرته بعودته إلى قسم شبين الكوم.
وتعرض بركات لاختفاء وتعذيب منذ إعادته إلى القسم من جديد في 22 يونيو/حزيران 2022، حتى ظهوره في نيابة أمن الدولة العليا بالقاهرة في 7 يوليو/ تموز 2022 على ذمة القضية الحالية واتهامه بالانضمام لجماعة إرهابية، وهي تهمة يستخدمها النظام المصري للبطش والتنكيل بمعارضيه.
وبوفاة بركات يرتفع عدد المتوفين داخل السجون ومقار الاحتجاز الرسمية بمصر إلى 17 منذ مطلع العام الجاري، أغلبهم نتيجة الإهمال الطبي المتعمد.
وتعكس حادثة وفاة المعتقل بركات، الخطر الذي يواجهه السجناء، في ظل ظروف الاحتجاز القاسية، وسوء المعاملة، وتؤكد أيضاً على أهمية ضمان سلامة جميع السجناء ورعايتهم الصحية الكاملة، وتستدعي التحقيق بشكل فوري وشفاف، ومحاسبة المسؤولين عن أي إهمال أو سوء معاملة أدى إلى وفاته.
وتوفي 52 سجيناً، عام 2022، إما نتيجة الإهمال الطبي المتعمد، أو البرد، أو الوفاة الطبيعية في ظروف احتجاز مزرية وغير آدمية، تجعل الوفاة الطبيعية في حد ذاتها أمراً غير طبيعي، فضلاً عن رصد 194 حالة إهمال طبي في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة في مصر.
وتشهد السجون المصرية ومراكز الاحتجاز ارتفاعاً مطرداً في أعداد الوفيات، فيما لا تسمح السلطات المصرية للجنة الصليب الأحمر بتفقد أوضاع السجون، حتى باتت السجون بمعزل تام عن أي رقابة، باستثناء النيابة العامة، التي لا تحقق بالأساس في جرائم التعذيب، بل أصبحت شريكاً في التستر على الجناة فيها.
وتجدر الإشارة إلى أن العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، ينص على أنه “ينبغي معاملة السجناء المحرومين من حريتهم بإنسانية، واحترام الكرامة الكامنة للشخصية الإنسانية”.