أدانت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا استمرار أجهزة أمن السلطة الفلسطينية في ارتكاب جرائم قتل خارج نطاق القانون بحق مواطنين في الضفة الغربية على غرار ما تقوم به قوات الاحتلال، في ظل غياب كامل للمحاسبة الداخلية أو الرقابة القضائية المستقلة، ووسط صمت دولي يرقى إلى التواطؤ.
وأضافت المنظمة أن أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية أعدمت المواطن المُسن فيصل خليل سباعية (65 عامًا) برصاصة مباشرة في الرأس، أثناء وجوده في الحي الشرقي من مدينة جنين مساء الثلاثاء 13 مايو/أيار، بينما كانت تنفذ عملية مطاردة لمركبة مدنية، استخدمت فيها القوة المفرطة ليسفر إطلاق النار عن مقتل سباعية وإصابة عدد من المدنيين، في مشهد يعكس الانحدار الخطير في سلوك الأجهزة الأمنية، التي باتت تتعامل مع أرواح الفلسطينيين بلا أي اعتبار قانوني أو إنساني.
كما أوردت المنظمة أن هذه الجريمة سبقتها عملية قتل الشاب رامي زهران في مخيم الفارعة بمحافظة طوباس، حيث أطلقت عليه عناصر أمنية النار بشكل مباشر، دون مبرر ما يشير إلى تعمد القتل، في نمط متكرر من الانتهاكات.
من جانبها، حاولت السلطة الفلسطينية تبرير الجريمتين عبر روايات رسمية نفت فيها مسؤوليتها، مدعية أن زهران كان “أحد رموز الفلتان الأمني”، وفيما يتعلق بمقتل المُسن فيصل سباعية، زعمت الأجهزة الأمنية أن الأخير أصيب برصاص “أحد الخارجين عن القانون” خلال تبادل لإطلاق النار، أثناء مطاردة أمنية، وأن وجوده في المنطقة هو ما تسبب في مقتله عرضًا.
وأكدت المنظمة أن رواية الأجهزة الأمنية هي محاولة مفضوحة للتنصل من المسؤولية الجنائية والسياسية، مؤكدة أنها تتناقض كليًا مع إفادات شهود العيان والتوثيق الميداني للواقعتين، وأن الأجهزة الأمنية أطلقت النار بشكل عشوائي ومباشر في مناطق مأهولة دون أي ضوابط، ما أدى إلى مقتل مواطن مسن وإصابة طفلة، وهو ما يُعد جريمة مكتملة الأركان.
إن استمرار الإفلات من العقاب يشكل بيئة خصبة لتكرار الجرائم، ويغذي مشاعر الغضب والانقسام الداخلي، ويقوّض أي أمل في استعادة الثقة بين المواطن ومؤسسات الحكم. كما أن عجز القضاء الفلسطيني عن فتح تحقيقات جدية في هذه الجرائم، يكشف هشاشة منظومة العدالة ويؤكد غياب الاستقلال القضائي في ظل هيمنة الأجهزة الأمنية.
ودعت المنظمة المجتمع الدولي، والأمم المتحدة، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، إلى التحرك العاجل للضغط على السلطة الفلسطينية لوقف هذه الانتهاكات، وفتح تحقيقات شفافة ومستقلة في جميع حالات القتل خارج نطاق القانون. كما دعت المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إلى النظر في هذه الجرائم ضمن ولايته القضائية، باعتبارها انتهاكات جسيمة لاتفاقيات حقوق الإنسان وقد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية إذا استمر تنفيذها بنمط ممنهج.
وشددت المنظمة على أن الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية يعيش بين فكي كماشة القمع المزدوج: الاحتلال الإسرائيلي الذي يمارس القتل والاعتقال والاستيطان من جهة، وأجهزة أمن السلطة الفلسطينية التي تنتهج سياسة الإعدام خارج القانون والتنكيل بالمعارضين من جهة أخرى، بدعم سياسي ومالي ولوجستي من عدد من الدول التي تواصل تمويل هذه الأجهزة رغم سجلها القاتم في قمع الحريات وقتل المعارضين.
وأكدت المنظمة أن هذه الدول تتحمل مسؤولية مباشرة، أخلاقية وقانونية، عن الجرائم المرتكبة، طالما أنها لا تربط دعم أجهزة الأمن الفلسطينية باشتراطات واضحة لاحترام حقوق الإنسان، ودون المطالبة بتحقيقات مستقلة أو مساءلة شفافة، مطالبة هذه الحكومات بمراجعة سياساتها فورًا، ووقف أي دعم غير مشروط يُستخدم لترسيخ القمع الداخلي، وتغذية منظومة الإفلات من العقاب.