قالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا إن الانتهاكات التي تمارسها أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية في جنين ومناطق أخرى في الضفة الغربية تعكس تدهورًا خطيرًا في الالتزام بسيادة القانون وحقوق الإنسان.
وأضافت المنظمة أن هذه الانتهاكات، التي تشمل القتل خارج إطار القانون، والاعتقالات التعسفية، والاعتداءات الجسدية، واستخدام السلاح والقوة المميتة ضد المدنيين، تأتي في سياق سياسة إجرامية تهدف إلى قمع الحريات وتنفيذ أجندات الاحتلال.
وأوضحت المنظمة أن أجهزة الأمن فرضت حصارًا مشددًا على مخيم جنين منذ ستة وعشرين يومًا، تاركين سكان المخيم يواجهون أوضاعًا إنسانية كارثية نتيجة انقطاع الكهرباء والماء ونقص الغذاء والدواء. وقد أدى الحصار إلى تعطيل المدارس ومنع المرضى من تلقي العلاج اللازم، بما في ذلك الحالات التي تحتاج إلى عناية خاصة وأجهزة تنفس اصطناعي.
وبينت المنظمة أن الأجهزة الأمنية استخدمت القوة المفرطة ضد المدنيين، وإطلاق النار بشكل عشوائي، لتسفر الحملة الأخيرة عن مقتل ستة مواطنين، بينهم الصحفية شذى الصباغ التي أصيبت برصاص قناص أثناء تغطيتها للأحداث في مخيم جنين، بالإضافة إلى إصابة العشرات، بينهم طفل أصيب بجراح خطيرة بتاريخ 31 ديسمبر 2024.
وأشارت المنظمة إلى اعتقال عشرات الشبان بطرق وحشية شملت السحل والاعتداء الجسدي، ومن بين المعتقلين أطباء وعاملين في القطاع الصحي، حيث اعتقل الدكتور قاسم بني غرة، رئيس قسم الطوارئ في مستشفى جنين الحكومي، أثناء تأدية عمله.
ولفتت المنظمة إلى أنه بينما تحاصر أجهزة أمن السلطة الفلسطينية مخيم جنين وتواصل عمليات التنكيل والعقاب الجماعي للسكان في مختلف مدن الضفة الغربية، تستمر قوات الاحتلال في حرب الإبادة في قطاع غزة. كما تستغل قوات الاحتلال الوضع لتوسيع ارتكاب الجرائم في مدن الضفة، حيث تقوم بمداهمة المدن والمخيمات واعتقال الفلسطينيين وقتلهم دون أي قيود. وقد قتلت قوات الاحتلال خلال العام الماضي 512 شخصًا، واعتقلت 8000 شخص بينهم 700 طفل.
ونوهت المنظمة بأن السلطة تجاهلت كل دعوات الحوار لحل الأزمة في مخيم جنين بشكل سلمي بما يحافظ على السلم الأهلي ووحدة الشعب الفلسطيني في مواجهة الهجمة المسعورة التي تشنها قوات الاحتلال والمستوطنين على الفلسطينيين، ورضخت لمطالب الإدارة الأمريكية وحكومة الاحتلال الداعية لاستخدام القوة في مواجهة الفصائل الفلسطينية.
وطالبت المنظمة الجهات الدولية الداعمة بتحمل مسؤولياتها الأخلاقية والإنسانية عبر الضغط الفوري على السلطة الفلسطينية لوقف انتهاكاتها بحق الشعب الفلسطيني. فاستمرار تقديم الدعم المالي والتدريب لهذه الأجهزة دون وضع شروط صارمة تضمن احترام حقوق الإنسان وتحقيق العدالة يُعدُّ تواطؤًا واشتراكًا في القمع.
ودعت المنظمة إلى ربط أي دعم دولي للسلطة الفلسطينية بإصلاحات جوهرية تشمل إنهاء الاعتقال السياسي والقمع الممنهج للنشطاء والصحفيين، وضمان استقلالية القضاء الفلسطيني ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.
وحملت المنظمة رئيس السلطة ورئيس الوزراء المسؤولية الكاملة عن الانتهاكات التي تمارسها الأجهزة الأمنية، فالجرائم التي ترتكبها هذه الأجهزة قد تعرض المسؤولين في السلطة للملاحقة من قبل المحكمة الجنائية باعتبار فلسطين عضوًا في المحكمة. ودعت إلى مراجعة فورية وجادة لسياساتها الأمنية بما يحفظ حقوق الشعب الفلسطيني ويقوي مناعته في مواجهة الهجمة الشرسة التي يشنها الاحتلال.