تتواصل الاتهامات الموجهة إلى سلطات الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب انتهاكات جسيمة ضد الأسرى الفلسطينيين من قطاع غزة، في ظل أدلة جديدة تؤكد تعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة منذ فبراير/شباط 2024، دون أي مساءلة أو محاسبة.
وفي هذا السياق؛ أكدت المقررة الأممية الخاصة بالأراضي الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيزي، في تصريح صحفي، الاثنين، أن ما يتكشف من معطيات يشير إلى ممارسات تعذيب واسعة بحق الأسرى، فيما تواصل “إسرائيل” التهرب من أي مساءلة قانونية دولية، ما يعمق ثقافة الإفلات من العقاب التي رافقت سلوكها في الأراضي المحتلة منذ عقود.
ويأتي تصريح ألبانيزي في أعقاب تقرير لصحيفة “الغارديان” البريطانية، كشف عن وجود سجن سري تحت الأرض يُعرف باسم “راكيفت”، يُحتجز فيه عشرات الفلسطينيين من غزة في ظروف توصف بأنها قاسية وغير إنسانية.
ففي هذا السجن؛ يُحرم المعتقلون من ضوء الشمس والطعام الكافي، ويُعزلون كلياً عن العالم الخارجي، دون تواصل مع عائلاتهم أو محاميهم، في انتهاك صريح للقانون الدولي الإنساني واتفاقية مناهضة التعذيب، وفق “الغارديان”.
وتُظهر الشهادات التي جمعها محامون من اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في “إسرائيل” أن العديد من المحتجزين ليسوا مقاتلين بل مدنيين بالكامل، جرى اعتقالهم بشكل عشوائي أثناء العمليات العسكرية في القطاع.
ومع ذلك؛ تمدد المحاكم الإسرائيلية احتجازهم عبر جلسات افتراضية قصيرة لا تتجاوز دقائق معدودة، يُمنع فيها حضور الدفاع، وتُبرَّر قرارات التمديد بعبارة واحدة متكررة: “حتى نهاية الحرب”.
وتشير هذه الوقائع إلى نمط ممنهج من الانتهاكات التي تتجاوز المعاملة القاسية لتصل إلى التعذيب المنهجي، وهو ما يشكل جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. كما أن استمرار احتجاز المدنيين في ظروف غير إنسانية يرقى إلى مستوى الاختفاء القسري، ويقوّض أبسط معايير العدالة والإجراءات القانونية الواجبة.
إن غياب المساءلة، ورفض سلطات الاحتلال التعاون مع آليات التحقيق الدولية، يعمّقان مأزق العدالة، ويطرحان تساؤلات جدية حول فاعلية المنظومة الدولية في حماية المدنيين الفلسطينيين من الانتهاكات الموثقة والمتكررة.
ويبقى السؤال المفتوح: إلى متى ستبقى “إسرائيل” فوق القانون، بينما تُسحق حقوق الأسرى الفلسطينيين في ظلام السجون؟


























