يشهد السودان كارثة إنسانية ذات أبعاد مأساوية نتيجة الحرب المستمرة منذ أكثر من ثمانية أشهر، يدفع الأطفال فيها الثمن الأكبر لهذه المأساة.
وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” أن انعدام الأمن والفيضانات والطرق غير السالكة تحول دون وصول ملايين الأطفال في السودان إلى الخدمات الصحية المنقذة للحياة.
وأكدت المنظمة عبر منشور على منصة “إكس” أن هذه التحديات تفاقم الوضع الإنساني المتدهور للأطفال، مشيرةً إلى جهود فرقها في فحص الأطفال لمعرفة مدى معاناتهم من سوء التغذية وتقديم المكملات الغذائية الضرورية لهم.
ونشرت اليونيسف صورًا لأطفال رضع يتم فحصهم في أحد المراكز الصحية المدعومة من المنظمة، في محاولة للفت الانتباه الدولي إلى الوضع المأساوي في السودان.
ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل/نيسان 2023، تعيش البلاد وضعًا كارثيًا، حيث قُتل أكثر من 20 ألف شخص ونزح أكثر من 14 مليونًا داخليًا وخارجيًا.
وتشير تقديرات بحث أجرته جامعات أمريكية إلى أن العدد الحقيقي للقتلى قد يصل إلى 130 ألف شخص، بينهم آلاف الأطفال الذين فقدوا حياتهم بشكل مباشر أو غير مباشر بسبب النزاع.
وتسببت الحرب في انهيار الخدمات الأساسية، بما في ذلك الرعاية الصحية، إذ تم تدمير أو تعطيل العديد من المرافق الطبية. كما يعاني أكثر من نصف سكان السودان من انعدام الأمن الغذائي الحاد، في حين تواجه الأمهات صعوبات كبيرة في توفير الاحتياجات الأساسية لأطفالهن، مثل الغذاء والرعاية الطبية.
ويُعد انعدام الأمن وانهيار الخدمات الصحية في السودان انتهاكًا لحقوق الإنسان الأساسية، خاصةً حقوق الطفل كما نصت عليها اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، والتي تؤكد على حق كل طفل في الحياة والصحة والتعليم والحماية من كل أشكال الاستغلال. ومع ذلك؛ فإن الحرب المستمرة تقوض هذه الحقوق، ما يضع الملايين من الأطفال في مواجهة مباشرة مع الموت جراء سوء التغذية والأمراض القابلة للعلاج.
ما يجري في السودان يتطلب اتخاذ المجتمع الدولي خطوات عاجلة لتقديم المساعدات الإنسانية وضمان وصولها إلى المناطق المتضررة، بالإضافة إلى فرض ضغوط دبلوماسية على الأطراف المتحاربة لإنهاء الصراع وتجنب المزيد من الانتهاكات.
ويمثل استمرار هذا الوضع جريمة ضد الإنسانية تستدعي استجابة دولية عاجلة لإنقاذ حياة الملايين، وضمان حق الأطفال في العيش بكرامة وأمان، وإن صمت العالم عن هذه المأساة يضع مصداقية الإنسانية والعدالة الدولية على المحك.