في شهادة أخرى دامغة على حجم الكارثة الإنسانية التي يواجهها المدنيون في قطاع غزة، كشفت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) الأربعاء، أن الجوع لم يعد يفتك فقط بالأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة، بل بات يسقط حتى موظفيها مغمى عليهم داخل القطاع المنكوب.
وقالت “أونروا” في منشور على منصة إكس، إن “الناس في غزة، بمن فيهم موظفونا، يُغمى عليهم من شدة الجوع”، مؤكدة أن فلسطينيين، بينهم أطفال وأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، يموتون نتيجة سوء التغذية الحاد.
وشددت الوكالة الأممية على ضرورة رفع الحصار فوراً لإدخال مساعدات إنسانية من شأنها إنقاذ ما تبقى من أرواح، مشيرة إلى أن لديها آلاف الشاحنات المكدسة في الدول المجاورة، بانتظار الإذن بالدخول، منذ أن منعت سلطات الاحتلال إدخالها إلى غزة في مارس/آذار الماضي.
وتأتي هذه التحذيرات بعد يوم واحد من إعلان وزارة الصحة في غزة عن وفاة 15 فلسطينياً بينهم 4 أطفال خلال 24 ساعة فقط، ما يرفع حصيلة القتلى بسبب المجاعة وسوء التغذية منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إلى 101 شخص، بينهم 80 طفلاً.
ورغم تصاعد التحذيرات الدولية، تصر سلطات الاحتلال على تشديد الخناق. فمنذ أكثر من 140 يوماً، تُغلق جميع المعابر بشكل شبه تام، ما أدى إلى توقف إدخال الغذاء والدواء والمساعدات، وترك القطاع لمصيره القاتل.
ويعيش الآن أكثر من 1.5 مليون فلسطيني في غزة بلا مأوى، بعدما دمرت آلة الحرب الإسرائيلية مساكنهم ضمن سياسة تهجير قسري وتجويع متعمد، في مخالفة صريحة لقواعد القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف التي تحظر العقاب الجماعي واستهداف المدنيين.
إن ما يجري في غزة لم يعد مجرد أزمة إنسانية، بل هو فصل مكتمل الأركان من حرب إبادة جماعية ترتكبها سلطات الاحتلال، بدعم واضح من الولايات المتحدة، عبر القتل الممنهج والتجويع والتدمير، فقد سقط منذ 7 أكتوبر 2023 أكثر من 201 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، غالبيتهم من النساء والأطفال، فيما لا يزال أكثر من 9 آلاف آخرين في عداد المفقودين، وآلاف يعانون المجاعة، دون تحرك فعّال من المجتمع الدولي.
ومع تهرب الاحتلال من تنفيذ اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار منذ مارس، ورفضه أوامر محكمة العدل الدولية؛ يصبح الحصار أداة إبادة متعمدة، ويؤكد أن معاناة غزة ليست نتيجة الحرب، بل إحدى غاياتها.
وبينما يطلب أطفال غزة شربة ماء أو لقمة نجاة، تُقابل صرخاتهم بالرصاص، وتصمت العواصم الكبرى، إلا من بيانات خاوية، ليبقى السؤال معلقاً: كم طفلاً آخر يجب أن يموت حتى يتحرك الضمير العالمي؟