مرة أخرى يستخدم الرئيس محمود عباس المادة 43 من القانون الأساسي الفلسطيني مستهدفًا نقابة من أعرق النقابات في منطقة الشرق الأوسط وهي نقابة الأطباء التي أسست بموجب قانون نقابة الأطباء رقم 14 لعام 1954 والتي تتخذ من بيت حنينا في القدس مقرا لها، وهي جزء أصيل من نقابة الأطباء الأردنية القائمة قبل حرب حزيران عام 1967م.
الرئيس عباس أصدر قرارًا بقانون بتاريخ 25\10\2022 لحل نقابة الأطباء الفلسطينية، وإنشاء مجلس تأسيسي يحل محلها؛ تمهيدًا لإنشاء نقابة فلسطينية، وكلف بالقرار أشخاصًا بعينهم لإدارة النقابة دون أن يحدد مدة زمنية لإجراء انتخابات، ودون أن يحدد مصير النقابة الأصل ومصير أملاكها وأصولها وحقوق الأطباء فيها المرتبطة إداريًا بنقابة الأطباء الأردنيين.
القرارات التي يصدرها عباس بمراسيم بعد تعطيل عمل المجلس التشريعي منذ يونيو/حزيران 2007 مستغلًا حالة الانقسام السياسي وغياب الرقابة بات واضحًا منها تكريس حكم الفرد وضرب المجالس النقابية والمهنية والقضاء على هامش الديمقراطية البسيط الذي يمارسه الفلسطينيون في ظل بطش الاحتلال وتغول أجهزة أمن السلطة الفلسطينية.
لقد مضى على تعطيل عمل المجلس التشريعي أكثر من 15 عامًا، خلالها انقض عباس على السلطة التشريعية من خلال المراسيم بقرارات التي أصدرها خلال هذه الفترة والتي بلغت بمعدل 14 قرار في السنة، أغلبها لا تنطبق عليها شروط المادة 43 من القانون الأساسي التي تقتضي وجود الضرورة والاستعجال، وهنا كما في هذا القرار ما هي الضرورة والاستعجال في إنشاء نقابة أطباء جديدة تتبع بالكلية للسلطة التنفيذية؟!
إن حالة القرارات بمراسيم التي يستغلها عباس تلغي مبدأ الفصل بين السلطات وهو مبدأ أصيل في كافة الدساتير بدونه لا شرعية لأي نظام أو سلطة.
إن خطورة قرار إنشاء نقابة جديدة إضافة إلى أنه يعصف بنقابة عريقة وحقوق أعضائها، فإنه يوجه أنظار الاحتلال إلى المقرات النقابية في القدس، خاصة وأن معظم المؤسسات في القدس والتي تمثل ضرورة للدولة الفلسطينية اُستهدفت بالإغلاق والمصادرة.
إن هذا القرار ينطوي على رغبة انتقامية دنيئة من قبل السلطة التنفيذية بسبب خطوات احتجاجية مشروعة نفذتها النقابة في وقت سابق، مثل الاحتجاج على الخصم من رواتب الأطباء والذي ترتب عليه استدعاء النيابة لرئيس النقابة شوقي صبحه وعضوين في مجلس النقابة واحتجازهما واستجوابهما في مقر النيابة في رام الله بتاريخ 09/05/2021.
إن المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا تدعو الكل الفلسطيني ومؤسسات المجتمع المدني إلى ضرورة التكاتف من أجل إسقاط هذا القرار الخطير باعتبار نقابة الأطباء في فلسطين أحد مكتسبات الشعب الفلسطيني يجب الحفاظ عليها ودعمها.