مرت أربع سنوات منذ أحداث الثالث من تموز/ يوليو 2013 و لم تتغير حالة الانهيار التام في حالة حقوق الإنسان في مصر، حيث استمرت السلطات المصرية في ذات المسار المبني على القمع وانتهاج كافة ألوان الانتهاكات الحقوقية على مختلف الأصعدة، في ظل خطاب إعلامي مشبع بالكراهية والتحريض على العنف ضد المعارضين شنته وسائل إعلام تابعة أو داعمة للنظام.
إهدار الحق في الحياة، كان أهم الحقوق التي تم انتهاكها من قبل النظام المصري في تعامله مع معارضيه، فبحسب عملية الرصد لحالات القتل خارج إطار القانون التي نفذتها الأجهزة الأمنية المصرية، وصل عدد القتلى خلال فترة الرصد المشار إليها إلى 2934 شخصاً.
سقط هذا الكم من القتلى في مختلف المحافظات المصرية عدا سيناء التي سيفرد لها بابا مستقلا في هذا التقرير، من بين الأعداد المذكورة قتل 2193 شخصاً نتيجة الاعتداءات الأمنية على تجمعات سلمية، وقضى 597 محتجزاً داخل مقار الاحتجاز المختلفة، جراء التعذيب والإهمال الطبي المتعمد وسوء أوضاع الاحتجاز، كما تم قتل 136 مواطناً على أيدي الأجهزة الأمنية، إما أثناء عمليات ضبطهم على خلفية قضايا معارضة، أو بعد نشوب مشادات كلامية بينهم وبين أحد أفراد الأمن، بالإضافة إلى 8 أشخاص تم تنفيذ أحكام إعدام مسيسة وجائرة بحقهم.
وفقاً لعمليات رصد كمي لعمليات الاعتقال التعسفي، فقد بلغ عدد الذين تعرضوا للاعتقال التعسفي حتى الآن حوالي 58966 شخصاً، حيث اعتقل 24320 شخصاً في الفترة من 3 يوليو/تموز 2013 وحتى نهاية ذلك العام، بينما اعتقل 10046 شخصاً عام 2014، واعتقل 17840 شخصاً عام 2015، و5100 شخصاً خلال العام 2016 ومنذ بداية عام 2017 وحتى 3 يوليو/تموز 2017 تم رصد اعتقال 1660 شخصاً.
من بين أولئك المعتقلين بلغ عدد القصر الذين تعرضوا للاعتقال خلال تلك الفترة 1097 قاصراً، بينما بلغ عدد النساء 555 امرأة، منهم 31 امرأة لازلن رهن الاعتقال حتى الآن، منهن 9 محكوم عليهن، والبقية لازلن قيد الحبس الاحتياطي حتى الآن.
لغرض طمس الحقيقة استهدف النظام الصحفيين ووسائل الإعلام المختلفة دون توقف منذ الثالث من يوليو/تموز 2013 حيث أغلق النظام المصري أكثر من 20 وسيلة إعلامية من القنوات الفضائية والصحف، وأوقف العديد من الإعلاميين والكتاب عن الكتابة والنشر، وقام بترحيل عدد من الصحفيين واقتحم نقابة الصحفيين واختطف صحفيين لجأوا إليها ولفق تهما مفبركة لنقيب الصحفيين، كما تعرض 18 صحفيا للقتل، واعتقل أكثر من مائتين لايزال 89 منهم في السجون، وحكم على بعضهم بالإعدام، هذا بالإضافة إلى إدراج نحو 15 صحافياً وإعلامياً على قوائم الإرهاب في 27 مايو/أيار 2017.
وفي أكبر هجمه على الصحافة وحرية الرأي والتعبير قامت الحكومة المصرية مؤخرا بحجب حوالي 119 موقعاً منها صحف على شبكة الانترنت تابعه لمؤسسات إعلامية وإخبارية مصرية وغير مصرية.
”وفق عملية رصد كمي لجلسات محاكمات المعتقلين على خلفية القضايا المتعلقة بمعارضة السلطات بعد انقلاب يوليو/تموز 2013 وحتى الآن، فقد تم الحكم في 2196 قضية معارضة للسلطات أمام دوائر جنح وجنايات مدنية وعسكرية، حيث تم الحكم في 1976 قضية مدنية، بينما تم الحكم في 220 قضية عسكرية.
بلغ عدد الأشخاص الذين صدرت بحقهم أحكام في تلك القضايا سواء أمام دوائر مدنية أو عسكرية، 30177 شخصاً، منهم 358 قاصراً، وقد تم تبرئة 8001 من هؤلاء المحكومين، أي 26.5 % من إجمالي العدد الكلي للمتهمين، بينما حُكم على 22097 شخصاً بأحكام إدانة مختلفة، أي بنسبة 73.2 %، فيما جاءت قرارات المحكمة بعدم الاختصاص أو انقضاء الدعوى بحق 79 شخصاً، أي ما يعادل 0.3 ٪ تقريباً.
من بين أولئك المحكومين، حوكم 6863 شخصاً أمام دوائر عسكرية خلال الأربعة السنوات فترة عمل التقرير، أي ما يقارب27.7 % من إجمالي عدد المحكومين، بينهم 16 قاصراً، حُكم بالسجن والسجن المشدد والمؤبد على 6387 منهم، بينما تم تبرئة 468 منهم، فيما جاءت قرارات المحكمة بعدم الاختصاص بحق 8 متهمين.
خلال فترة الرصد قامت محكمة النقض المصرية والمحكمة العليا للطعون العسكرية بتثبيت أحكام الإعدام بحق 19 متهماً في ستة قضايا معارضة للسلطات، نفذت أحكام الإعدام بحق 8 منهم، بينما ينتظر 11 متهماً الآن تنفيذ حكم الإعدام في أي وقت، بعد استنفادهم كافة سبل الطعن على تلك الأحكام، حيث قامت محكمة النقض المصرية بتثبيت حكم الإعدام بحق المعتقل فضل المولى حسني أحمد إسماعيل في القضية رقم 27868 لسنة 2014 جنايات المنتزه أول، كلي 1781 لسنة 2014 كلي شرق الإسكندرية بتاريخ 24 أبريل/نيسان 2017، كما قامت بتثبيت أحكام الإعدام الصادرة بحق ستة من شباب مدينة المنصورة بالدقهلية بتاريخ 7 يونيو/حزيران 2017 في القضية رقم 16850 لسنة 2014 مركز المنصورة والمقيدة برقم 781 لسنة 2014 كلي جنوب ، بينما قامت المحكمة العليا للطعون العسكرية في مصر بتاريخ 19 يونيو/حزيران 2017 بتثبيت أحكام الإعدام الصادرة حضورياً في حق 4 متهمين رقم 22 لسنة 2015 جنايات عسكرية طنطا/ 325 لسنة 2015 جنايات عسكرية.
كما قضت محكمة النقض المصرية بتاريخ 20/2/2017 برفض الطعون المقدمة من 52 متهماً في القضية المعروفة إعلاميا بأحداث “مذبحة بور سعيد” والتي تحمل رقم 427 لسنة 2012 جنايات قسم المناخ والمقيدة برقم 11 لسنة 2012 كلي بور سعيد، بينهم 10 صادر ضدهم حكما بالإعدام حضورياً لتصير تلك الأحكام باتة في انتظار التنفيذ.
ووفقا لعملية رصد كمي لآثار عمليات الجيش الأمنية في سيناء خلال فترة الرصد ووفق عملية رصد كمي لكافة التصريحات والبيانات الرسمية الصادرة عن القوات المسلحة المصرية، وما تم رصده من قبل نشطاء ذوي مصداقية فقد بلغ عدد القتلى من المدنيين في سيناء 3446 شخصا، منهم 3191 شخصا قال عنهم الجيش أنهم قتلوا إثر مواجهات أمنية معه، والبقية قتلوا بصورة عشوائية.
أما عدد المعتقلين في سيناء أثناء فترة الرصد، فقد بلغ 5766 شخصاً، منهم 2689 أعلن المتحدث الرسمي للقوات المسلحة المصرية أنهم مطلوبون أمنياً، بينما تم اعتقال 3077 شخصاً بدعوى الاشتباه.
لم تسلم الممتلكات الخاصة بأهل سيناء من منازل ومزارع وعربات ودراجات بخارية من التدمير والتخريب دون فتح تحقيق واحد في تلك العمليات، ودون تعويض للمتضررين، حيث تم الإعلان عن حرق 3208 دراجة بخارية و1142 عربة خلال فترة رصد التقرير، كما تم الإعلان عن حرق وتدمير مئات المنازل والعشش الخاصة بأهالي محافظة سيناء، حيث بلغ عدد المنازل التي تم حرقها وتدميرها خلال فترة عمل هذا التقرير 259 منزلاً، بينما تم الإعلان عن حرق وتدمير 2191 عشة.
جدير بالذكر أن المنازل والعشش التي تم الإشارة إلى حرقها وتدميرها، كانت خارج الشريط الحدودي مع غزة، والذي قامت الحكومة المصرية بإصدار قرارات بإخلائه، وذلك بتهجير سكان تلك المنطقة من منازلهم وهدمها، تمهيدا لإقامة منطقة عازلة على الحدود مع غزة، وبدأت المرحلة الأولى في أكتوبر/تشرين الأول 2014 حيث تم تنفيذها بواقع 500 متر، وتضمنت هدم 837 منزلا، وجاءت المرحلة الثانية في مارس/آذار 2015، وتم الانتهاء منها لمسافة 500 متر أخرى، حيث تم هدم نحو 1044 منزلا من إجمالي المنازل المحصورة في المرحلة الثانية.
وأصدرت الحكومة المصرية قرارا ثالثاً بالبدء في المرحلة الثالثة من التهجير ابتداء من أبريل/نيسان 2015، على إجمالي مساحلة وصلت إلى نحو 2000 متر، حيث يوجد بهذه المنطقة 1220 منزلا مأهولاً.
”من خلال واقع رصد انتهاكات السلطات المصرية لحقوق الإنسان خلال فترة عمل التقرير، فإن حالة الانحدار التي تعاني منها منظومة حقوق الإنسان في مصر مازالت على ذات النسق دون أي تحسن يذكر، بل على العكس تزداد سوءا مما يدعو المجتمع الدولي للتحلي بالقدر اللازم من المسؤولية الأخلاقية والضغط على النظام المصري لوقف تلك الجرائم.