في ظل الإبادة الجماعية المستمرة التي يشنّها الاحتلال الإسرائيلي ضد قطاع غزة منذ ما يقارب العام، يواصل الصحفيون الفلسطينيون دفع حياتهم ثمناً لكشف الحقيقة، في مواجهة آلة قتل لا تفرّق بين مدنيين وصحفيين وعاملين في المجال الإنساني.
وأعلنت نقابة الصحفيين الفلسطينيين مقتل الصحفي خالد المدهون، مصوّر تلفزيون فلسطين الرسمي، جراء استهداف مباشر من قوات الاحتلال خلال تغطيته للأحداث في منطقة زكيم شمال قطاع غزة، مؤكدة أن هذا الاستهداف يأتي ضمن سلسلة ممنهجة تهدف إلى إسكات الصوت الفلسطيني وطمس معالم الجرائم المرتكبة في القطاع.
ومع مقتل المدهون؛ ارتفع عدد القتلى من الصحفيين الفلسطينيين منذ بدء حرب الإبادة في غزة إلى 240 صحفياً، وفق بيانات نقابية وإعلامية متطابقة، ما يجعلها الحصيلة الأثقل في تاريخ استهداف الصحافة المعاصرة.
وكان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة قد أعلن في وقت سابق أن عدد قتلى الصحفيين بلغ 239 بعد مقتل الصحفي إسلام الكومي، فيما شهد يوم 10 أغسطس/آب جريمة مروّعة عندما اغتال الاحتلال ستة صحفيين بينهم خمسة من قناة “الجزيرة”، إثر قصف خيمتهم قرب محيط مستشفى الشفاء بمدينة غزة.
ولا يمكن اعتبار استهداف الصحفيين حوادث عرضية، بل يدخل في إطار سياسة متعمدة لإرهاب الإعلام الفلسطيني ومنعه من نقل مشاهد المذابح، بما يشكّل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، الذي يحمي الصحفيين والعاملين في المجال الإعلامي بصفتهم مدنيين. كما أنّ هذا السلوك يعكس إدراك الاحتلال أن الكاميرا باتت سلاحاً أقوى من الرصاصة، قادرة على تعرية جرائمه أمام العالم.
ويكرّس مقتل المدهون وغيره من زملائه الصحفيين حقيقة أن الاحتلال يستهدف بشكل مباشر كل من يحاول فضح جرائمه، في مشهد يذكّر العالم بمسؤوليته الأخلاقية والإنسانية في وضع حدّ لهذه الإبادة الممنهجة التي طالت الأرض والإنسان والذاكرة الجماعية الفلسطينية.
يشار إلى أنه منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، يواصل الاحتلال الإسرائيلي ارتكاب إبادة جماعية ضد سكان غزة، أسفرت حتى اليوم عن مقتل 62 ألفاً و622 فلسطينياً وإصابة 157 ألفاً و673 آخرين، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 9 آلاف مفقود. كما تسبب الحصار والتجويع في وفاة 281 مدنياً بينهم 114 طفلاً، وسط نزوح جماعي ومجاعة متفاقمة.