قُتل ثلاثة من طواقم الإسعاف الفلسطينية، جراء قصف نفّذته قوات الاحتلال الإسرائيلي في حي التفاح شرق مدينة غزة، بينما كانوا يؤدون مهامهم الإنسانية في إنقاذ المصابين وانتشال القتلى من تحت الأنقاض.
وأكدت مصادر طبية أن القتلى هم: حسين محيسن، ووائل العطار، وبراء فارس عفانة، وقد قضوا نحبهم أثناء محاولتهم الوصول إلى ضحايا قصف سابق في المنطقة ذاتها، في انتهاك صارخ لقواعد القانون الدولي الإنساني التي تحظر استهداف الطواقم الطبية وتضمن لهم الحماية الكاملة أثناء النزاعات.
وبهذا الهجوم؛ يرتفع عدد قتلى الطواقم الطبية في غزة منذ بدء العدوان في 7 أكتوبر 2023 إلى نحو 1580 شخصًا، في وقت باتت فيه المنظومة الصحية على شفا الانهيار الكامل، بفعل القصف الممنهج الذي طال المستشفيات ومراكز الإسعاف، بالإضافة إلى الحصار الخانق ومنع دخول الإمدادات الطبية والوقود.
وتأتي هذه الجريمة في سياق سياسة متواصلة تتبعها قوات الاحتلال، تُظهر تعمّد استهداف مقومات الحياة والبنية التحتية المدنية، بما في ذلك المستشفيات وسيارات الإسعاف، في انتهاك للمواد الأساسية من اتفاقيات جنيف، التي تُجرّم المساس بالعاملين في الحقل الطبي وتعتبره جريمة حرب.
وتحوّل قطاع غزة إلى منطقة منكوبة بكل المقاييس، يعيش فيها أكثر من 2.4 مليون إنسان تحت نيران القصف والتجويع والحرمان، حيث تشير الإحصائيات الأخيرة إلى سقوط أكثر من 181 ألف قتيل وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود، ونحو 1.5 مليون نازح فقدوا مساكنهم ومصادر رزقهم. كما انتشرت المجاعة، التي أودت بحياة العديد من الأطفال، بفعل الحصار المتواصل منذ 18 عامًا والذي اشتد حدّة خلال الأشهر الأخيرة.
وتجاوزت الحرب الجارية في غزة كونها صراعًا مسلحًا إلى كونها إبادة جماعية مكتملة الأركان، ترتكب بأسلوب ممنهج يشمل التدمير الشامل والقتل الواسع والتجويع المتعمد، وتستهدف مقومات البقاء الأساسية للسكان. كما أنها تُنفّذ بتواطؤ دولي وصمت سياسي، رغم التحذيرات القانونية المتكررة من تبعات هذه الجرائم، والتي ترتقي إلى جرائم ضد الإنسانية بحسب المعايير الدولية.
إن استهداف المسعفين، وهم في قلب واجبهم الإنساني، يُعد جريمة مزدوجة، فهو لا ينتهك فقط القوانين الدولية، بل ينال من آخر خطوط الحماية للمدنيين تحت النار. وتستدعي هذه الجريمة، وسابقاتها، تحركًا فوريًا وفعالًا لتوفير الحماية للسكان المدنيين وفرض مساءلة قانونية على مرتكبي الجرائم، مهما علت مناصبهم أو بلغت قوتهم.