يشهد قطاع غزة فصولاً متواصلة من الإبادة الجماعية التي ينفذها الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حيث تتعمد قواته استخدام القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري كسلاح جماعي ضد السكان المدنيين، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني ومبادئ حقوق الإنسان الأساسية.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة، اليوم الأربعاء، ارتفاع عدد القتلى جراء القصف الإسرائيلي على مناطق متفرقة في القطاع منذ ساعات الفجر الأولى إلى 24 شخصاً، بينهم 15 في مدينة غزة.
ففي المدينة؛ قُتلت امرأة حامل وجنينها ضمن سلسلة هجمات استهدفت منازل وخيام نازحين، بينما واصلت قوات الاحتلال تفجير المباني السكنية بواسطة روبوتات مفخخة في حي الشيخ رضوان، إضافة إلى إلقاء قنابل حارقة من طائرات “كواد كابتر” استهدفت سوقاً وخياماً للمدنيين، ما أدى إلى اندلاع حرائق واسعة طالت ممتلكاتهم.
كما تعرض حيّا الزيتون والصبرة جنوبي المدينة لقصف مدفعي مكثف، فيما شهد مخيم النصيرات وسط القطاع هجوماً بمسيّرات استهدف تجمعات مدنية قرب محطة وقود، وأسفر عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة آخرين.
وبالتوازي مع القصف، يواصل الاحتلال استخدام سياسة التجويع كسلاح إبادة بطيئة ضد المدنيين. فقد أعلنت وزارة الصحة في غزة تسجيل ست وفيات جديدة خلال الساعات الماضية، بينها طفل، نتيجة المجاعة وسوء التغذية، ليرتفع إجمالي ضحايا الحصار الغذائي والدوائي إلى 367 شخصاً، بينهم 131 طفلاً.
ويأتي ذلك بعد إعلان المجاعة رسمياً في مدينة غزة، مع توقع تمددها إلى مناطق وسط وجنوب القطاع، في ظل إغلاق كامل للمعابر منذ مارس/آذار الماضي، ومنع إدخال المساعدات الإنسانية إلا بكميات محدودة لا تلبي الحد الأدنى من الاحتياجات، فضلاً عن تعرض الشاحنات القليلة الداخلة للسطو في ظل غياب أي حماية.
ويمثل ما يجري في غزة جريمة إبادة جماعية متكاملة الأركان، إذ تتوافر فيه عناصر الاستهداف المتعمد لجماعة سكانية على أساس قومي، وحرمانها من مقومات البقاء عبر القتل المباشر والحصار والتجويع والتهجير القسري. كما يشكل الاستخدام الواسع للقوة المميتة ضد المدنيين، بما فيهم النساء والأطفال، انتهاكاً صارخاً لمبادئ التمييز والتناسب التي يفرضها القانون الدولي الإنساني.
إضافة إلى ذلك؛ فإن تدمير المساكن ومنع وصول المساعدات الإنسانية الأساسية يرقى إلى عقاب جماعي محظور بموجب اتفاقيات جنيف، ويكشف نية واضحة لاستئصال الحياة المدنية في القطاع.
ومنذ بدء الإبادة في السابع من أكتوبر، أسفرت جرائم الاحتلال عن مقتل أكثر من 63 ألفاً و633 فلسطينياً، وإصابة 160 ألفاً و914 آخرين، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى فقدان أكثر من تسعة آلاف شخص، وتشريد مئات الآلاف في ظروف قاسية.
إن هذه الوقائع لا تمثل مجرد إحصاءات، بل تعكس جريمة مستمرة تستهدف الوجود الفلسطيني ذاته في غزة. وعلى المجتمع الدولي أن يتجاوز بيانات الإدانة، وأن يتخذ إجراءات عملية وملزمة لوقف الإبادة، وضمان محاسبة المسؤولين عنها، وتأمين الحماية الفعلية للسكان المدنيين وحقهم في الحياة والكرامة.