ترتفع الحصيلة الإنسانية في قطاع غزة بشكل متسارع، في ظل تصعيد منهجي من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، أسفر اليوم الجمعة 4 يوليو/تموز 2025 عن مقتل ما لا يقل عن 35 مدنيًا فلسطينيًا، بينهم نساء وأطفال، في غارات استهدفت ملاجئ ونقاط توزيع مساعدات، فيما ينهار النظام الصحي بالكامل وتغيب أي استجابة دولية فعالة لوقف الإبادة الجماعية المستمرة.
ففي منطقة المواصي جنوب قطاع غزة، قصفت طائرات الاحتلال ملجأً يضم نازحين، ما أدى إلى مقتل 15 مدنيًا، معظمهم من النساء والأطفال. كما استهدفت القوات الإسرائيلية حشودًا مدنية كانت تتجمع قرب مراكز لتوزيع المساعدات في خانيونس ورفح، مما أودى بحياة 20 آخرين، في استمرار لنمط متكرر من استهداف المدنيين في ظروف الجوع والتهجير.
وتُظهر بيانات الأمم المتحدة أن أكثر من 613 فلسطينيًا قد قُتلوا قرب قوافل ومراكز إغاثية منذ أواخر مايو الماضي، بينما تواصل إسرائيل إنكار مسؤوليتها المباشرة عن هذه المجازر، مدّعية إطلاق “نيران تحذيرية” رغم الأدلة الميدانية التي تشير إلى استخدام القوة الفتاكة بشكل متعمد ومنهجي.
وفي سياق متصل، صدرت أوامر إخلاء جديدة من قبل جيش الاحتلال في مناطق واسعة من خانيونس، مما دفع آلاف المدنيين إلى النزوح قسرًا نحو المناطق الساحلية المكتظة، دون توفير أي ممرات آمنة أو احتياجات إنسانية أساسية، ما يُفاقم من الكارثة المستمرة منذ أكثر من ثمانية أشهر.
وتُظهر المعطيات الميدانية حجم الانهيار الكامل في المنظومة الصحية، حيث قُتل الطبيب الفلسطيني مروان السلطان، مدير مستشفى الإندونيسي في جباليا، جراء قصف استهدف شقته السكنية. وقد أثار مقتله موجة حزن عميقة في الأوساط الطبية، وسط تحوّل المستشفيات إلى مراكز طوارئ عاجزة، تفتقر إلى الدواء والمعدات والطواقم، وتُحاصرها نيران الاحتلال من كل جانب.
وفي ظل هذه الأوضاع، أطلقت فرق الدفاع المدني في غزة نداء استغاثة عاجل طالبت فيه بوقف فوري لإطلاق النار لأغراض إنسانية، مؤكدة وجود عدد كبير من المدنيين تحت الأنقاض، وانعدام القدرة على الوصول إليهم بسبب منع فرق الإنقاذ من التحرك وغياب الإمكانيات الأساسية.
وفي أول موقف حقوقي واضح، وصفت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيزي، ما يجري في غزة بأنه “حملة إبادة جماعية”، ودعت المجتمع الدولي إلى فرض عقوبات شاملة وحظر فوري لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل، مشيرة إلى أن مواصلة الدعم العسكري لدولة تنفذ هذا النوع من الجرائم يُعد شراكة مباشرة في المسؤولية الجنائية الدولية.
وتؤكد المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا أن هذه الجرائم المتصاعدة تُشكّل جريمة إبادة جماعية موصوفة بموجب القانون الدولي، وتستدعي تحركًا دوليًا فوريًا لتفعيل آليات المساءلة، ووقف العدوان، وإنقاذ ما تبقى من الحياة في القطاع المحاصر.