جددت نيابة أمن الدولة العليا في مصر حبس 16 شخصاً لمدة 15 يوماً، بعد ظهورهم أمام النيابة إثر فترات إخفاء قسري استمرت لأشهر، في واحدة من أبرز الانتهاكات التي تشهدها البلاد ضد المعارضين والنشطاء.
ووجهت النيابة إليهم اتهامات تقليدية، منها “نشر أخبار كاذبة”، و”الانضمام إلى جماعة إرهابية”، و”إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي”، و”التمويل والترويج للعنف”، وهي تهم درج النظام المصري على توجيهها لمعارضيه، ليتسنى له اعتقالهم ومحاكمتهم والتنكيل بهم.
وجاء اعتقال هؤلاء الأفراد في إطار حملة متواصلة تنتهجها السلطات المصرية منذ سنوات، تعتمد فيها على الإخفاء القسري كأداة لقمع الأصوات المعارضة، حيث تختفي آثار المعتقلين لفترات طويلة قبل أن يظهروا أمام النيابة دون توضيح مصيرهم خلال فترة الاختفاء.
ووفق شهادات أسر الضحايا، فقد قدمت العائلات بلاغات رسمية إلى النائب العام بعد اختفاء ذويهم، دون أي استجابة من الجهات المختصة.
ويُعرّف الإخفاء القسري وفقاً للمادة 2 من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري بأنه “القبض على الأشخاص أو احتجازهم أو اختطافهم من قبل جهات حكومية، مع رفض الاعتراف بمصيرهم أو مكان وجودهم”، وهو ما يُعتبر جريمة ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي.
ورغم توقيع مصر على الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري، إلا أنها لم تصدّق عليها رسمياً، وهو ما يثير المخاوف بشأن استمرار هذه الممارسات بلا محاسبة.
كما تنص المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن “لكل فرد الحق في الحرية والأمان على شخصه، ولا يجوز اعتقاله أو احتجازه تعسفاً”، وهو ما يتعارض مع السياسة التي تتبعها السلطات المصرية في استهداف المعارضين واحتجازهم دون محاكمات عادلة.
إن استمرار هذه الانتهاكات في مصر يضع المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي لالتزامه بالدفاع عن حقوق الإنسان، في وقتٍ يحتاج فيه الضحايا وعائلاتهم إلى عدالة غائبة خلف الزنازين وسياسات القمع الممنهجة.