أكد الحقوقي والأكاديمي السعودي، عبدالله العودة، أن والده، الداعية سلمان العودة، لا يزال رهن العزل الانفرادي منذ اعتقاله في أيلول/سبتمبر 2017، مشدداً على أن هذا الإجراء يمثل انتهاكاً صارخاً للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، والتي تعتبر العزل المطوّل شكلاً من أشكال التعذيب النفسي والجسدي.
وأشار العودة إلى أن الوضع الصحي لوالده شهد تدهوراً خطيراً، حيث يوشك أن يفقد البصر في إحدى عينيه بالكامل. ورغم ذلك، أكد أن الشيخ العودة لا يزال يتمتع بروح معنوية قوية، ويقضي وقته في قراءة القرآن وأداء الصلاة.
وعلى صعيد المسار القضائي؛ أوضح العودة أن والده لم يصدر بحقه أي حكم حتى الآن، إذ توقفت محاكمته منذ أكثر من أربع سنوات، بعد أن عقدت المحكمة الجزائية المتخصصة آخر جلسة له في عام 2021. وكانت النيابة العامة قد طالبت حينها بإعدامه تعزيراً، إلى جانب دعاة آخرين، تحت ذريعة اتهامات متعلقة بالإرهاب.
وأشار إلى أن محاكمة والده كانت تُجرى بشكل سري، دون حضور أي جهات حقوقية مستقلة أو مراقبين دوليين، مؤكداً أن السلطات السعودية استندت في الاتهامات الموجهة إليه إلى تغريداته على منصة “إكس”، حيث قدمت النيابة نحو ألفي تغريدة كأدلة اتهام، زاعمة تورطه في أنشطة مثل تأسيس منظمة للدفاع عن النبي في الكويت، وعضويته في مجلس الإفتاء الأوروبي واتحاد علماء المسلمين.
وفيما يتعلق بالإفراجات الأخيرة التي شهدتها المملكة، أوضح العودة أن هذه التطورات جاءت استجابة لضغوط حقوقية وإعلامية متواصلة، لا سيما مع تصاعد الانتقادات الدولية للملف الحقوقي في السعودية، لافتا إلى أن هذه الاعتقالات التعسفية باتت تشكل عبئاً على السلطات، خاصة في ظل تصاعد المطالبات بإطلاق سراح معتقلي الرأي.
ورغم الترحيب بهذه الإفراجات؛ شدد العودة على ضرورة أن تشمل كافة معتقلي الرأي والضمير، مطالباً بضمانات حقيقية تكفل حرية التعبير والصحافة وتشكيل الجمعيات، كخطوة أساسية لإنهاء هذا الملف بشكل كامل.
ويعد اعتقال الشيخ سلمان العودة واحتجازه في العزل الانفرادي منذ عام 2017 انتهاكًا صارخًا للحقوق الأساسية، حيث تم حرمانه من محاكمة عادلة، وتأجيل النظر في قضيته لسنوات دون مبرر قانوني.
ويعكس إجراء محاكمة العودة بشكل سري على تهم مستندة إلى تغريدات ومواقف فكرية، استخدام القوانين كأداة لقمع حرية التعبير. كما يشكل العزل المطوّل، الذي يعاني منه منذ أكثر من ست سنوات، نوعًا من المعاملة القاسية التي تؤثر سلبًا على صحته الجسدية والنفسية، خاصة مع تدهور بصره وحرمانه من الرعاية الطبية اللازمة.
إن استمرار اعتقال العودة، رغم موجة الإفراجات الأخيرة عن بعض المعتقلين، يثير تساؤلات حول جدية التوجه نحو إصلاحات حقوقية حقيقية، ويعكس استمرار النهج القمعي تجاه معتقلي الرأي.