ارتكب الاحتلال الإسرائيلي مجزرتين جديدتين في قطاع غزة، فجر اليوم الأربعاء، أسفرتا عن مقتل 15 مدنياً فلسطينياً، بينهم أطفال ونساء، في قصف جوي استهدف منزلين في مدينتي غزة ودير البلح.
وتتواصل هذه الجرائم في اليوم الـ600 من الحرب المفتوحة على سكان القطاع، والتي أخذت طابعاً واضحاً من الإبادة الجماعية بحق السكان المدنيين.
وبحسب مصادر طبية وشهود عيان، استهدفت طائرة حربية تابعة للاحتلال منزل عائلة العربيد في حي بمدينة غزة، ما أدى إلى مقتل 9 مدنيين على الفور، وإصابة 12 آخرين بجراح متفاوتة.
وفي غارة مماثلة، قُتل 6 مدنيين آخرين وأُصيب ما لا يقل عن 15، جراء قصف منزل سكني في مدينة دير البلح وسط القطاع.
وقد أكد الشهود أن بين القتلى عدد من النساء والأطفال، بينما لا تزال فرق الإسعاف تواصل عمليات انتشال الجثامين من تحت الركام وسط ضعف الإمكانيات وشح الموارد.
وتأتي هذه الغارات ضمن سلسلة من الهجمات اليومية التي تستهدف منازل المدنيين، وتندرج ضمن سياسة التدمير المنهجي للبنية التحتية والمجتمع المدني في غزة. ويتضح من طبيعة الأهداف، التي تركز على مساكن مأهولة دون تحذير، أن المقصود ليس فقط إنهاء الحياة بل تفكيك النسيج الاجتماعي للقطاع بأكمله.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، يعيش الفلسطينيون في قطاع غزة تحت وطأة عدوان عسكري شامل أوقع أكثر من 177 ألف قتيل وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود لا تزال مصائرهم مجهولة تحت الأنقاض أو في أماكن احتجاز سرية.
وتضع الهجمات التي تستهدف المدنيين، وتدمير المرافق الحيوية كالمستشفيات والمدارس ومراكز الإيواء، وحرمان السكان من الماء والغذاء والدواء، الأفعال الجارية في غزة ضمن التصنيف القانوني للإبادة الجماعية، كما عرّفها القانون الدولي. فالتدمير المتعمد لجماعة بشرية، كلياً أو جزئياً، عبر القتل والتجويع والتشريد القسري، يمثل انتهاكاً صارخاً لكل الأعراف والمواثيق الإنسانية.
ورغم الأرقام المفزعة والحقائق الميدانية الدامغة، يقابل المجتمع الدولي هذه الكارثة بصمت مريب، بينما يواصل الاحتلال عملياته بدعم سياسي وعسكري من بعض القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، في ظل غياب أي محاسبة أو إجراءات رادعة.
إن ما يجري في غزة ليس مجرد حرب، بل مسار متكامل من التصفية الجماعية لشعب أعزل، لا يملك من أدوات الصمود سوى إصراره على البقاء فوق أرضه.