قالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا إن حرب الإبادة الجماعية المعلنة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة لم تدع مساحة آمنة في القطاع، وتعمدت سحق كل سبل الحياة والمنشآت المدنية بما في ذلك المشمولة بحماية قانونية خاصة مثل المستشفيات والمراكز الطبية في مسعى من الاحتلال لوأد كل طرق الحياة.
وفي ظل التعامي الدولي عن جرائم الاحتلال وعجز الدول العربية والإسلامية عن لجمه، استهدف جيش الاحتلال المرفق الصحي في القطاع بشكل مباشر إما بالقصف الجوي أو المدفعي، في حين خرج 75 مستشفى ومركز طبي -على الأقل- عن الخدمة كما قتل 283 واختطف 56 من العاملين في المجال الطبي على رأسهم مدير مجمع الشفاء الطبي محمد أبو سلمية، وفقا لوزارة الصحة الفلسطينية.
وبينما يعاني القطاع ويلات القصف انصاعت السلطات المصرية لرغبة الاحتلال بخنق القطاع أكثر، وإغلاق شريان الحياة الوحيد حيث سمحت لـ 413 جريحا فقط من أصل أكثر من 41,000 مصاب بمغادرة قطاع غزة للعلاج في الخارج عبر معبر رفح، إذ قال المدير العام لوزارة الصحة في غزة، منير البرش إن “الوزارة ترسل كشفا بأسماء جرحى لعلاجهم خارج القطاع، فيموت أغلبهم قبل وصول الموافقة من السلطات المصرية”.
إن التعسف والتأخير في اعتماد خروج الجرحى من القطاع بعد انهيار بنيته الصحية بشكل كامل وعرقلة جهود إنقاذ حياة المصابين، ما هو إلا دليل جديد على انخراط النظام المصري المباشر في جريمة الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، حيث يتكامل هذا المنع المتعمد مع استهداف جيش الاحتلال للمستشفيات بالقصف المباشر والحصار ومنع المساعدات واختطاف الكوادر الطبية وغير ذلك من الجرائم.
الاستهداف المتعمد والمباشر للمستشفيات والمراكز الطبية في قطاع غزة أصبح يحدث بوتيرة أعلى إذ قصفت قوات الاحتلال بوابة ومحيط مستشفى كمال عدوان عدة مرات، متسببة في سقوط ضحايا ومصابين وفي انقطاع التيار الكهربائي عنه، وفي حالة من الرعب يعيشها حوالي 10 آلاف نازح لا زالوا يحتمون بالمستشفى في ظل عدم توفر أي ملجأ آمن في القطاع، ليذكر ذلك بما حصل في كل من مستشفى الشفاء والإندونيسي، إذ أعقب حصارهم استهداف لكل من يحاول النجاة منهما ونتجت عن ذلك مجازر مروعة.
إنه لمن المرعب أن يقف صناع القرار في العالم موقف المتفرج وتصبح مثل هذه الجرائم المروعة مألوفة لا بل يجري إنكارها من قبل الناطقين باسم الحكومة الأمريكية، فمنذ اليوم الأول لحرب الإبادة تم استهداف المشافي وكان الهجوم المباشر الأول على مشفى المعمداني الذي أنكره الاحتلال ودعم هذا الإنكار الولايات المتحدة وبعد ثبوت تورط الاحتلال بالهجوم لم يتغير شيء، بل أصبح استهداف المستشفيات وقتل المرضى واعتقال الأطباء واستهداف الصحفيين وتجويع المدنيين مشهدا عاديا مقبولا.
إن المؤسسات التابعة للأمم المتحدة، وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية والأونروا، والمنظمات الدولية ومن بينها الصليب الأحمر الدولي، مطالبة بعدم الانصياع للأوامر الإسرائيلية وممارسة دورها الطبيعي والذي من أجلها أنشئت في حماية المدنيين والبنية التحتية الصحية، عوضا عن الاختباء وراء ذرائع واهية من قبيل عدم سماح جيش الاحتلال بالتدخل، وإلا فلن يعود لوجودها ضرورة.
إن المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا تجدد مطالبتها للمؤسسات والمنظمات الأهلية المصرية للضغط على النظام المصري من أجل السماح الفوري لخروج المصابين لعلاجهم خارج القطاع وتخفيف الضغط عن النظام الصحي المنهار في غزة، وفتح معبر رفح بتسيير قوافل لإدخال المساعدات الإنسانية عموما، والطبية خاصة، والضغط لإدخالها إلى غزة.
كما تحمل المنظمة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن المسؤولية عن جريمة الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال في قطاع غزة، فالاحتلال لم يكن ليجرؤ على ارتكاب هذه الفظاعات لو لم يحصل على الضوء الأخضر من الإدارة الأمريكية التي لا زالت ترسل له شحنات الأسلحة الفتاكة والمدمرة التي تهدف إلى إيقاع أكبر قدر من الضحايا المدنيين.
لم يعد مقبولًا الصمت على ما يتعرض له المدنيون في قطاع غزة من قتل وتشريد وتجويع، ولا بد من أن تتوحد جهود دول عديدة لها مواقف معلنة منددة بحرب الإبادة وأن يتم اتخاذ خطوات عملية تحت مظلة الأمم المتحدة لفرض وقف إطلاق النار وكسر الحصار الذي يفرضه الاحتلال بالتعاون مع النظام المصري.