في مشهد يعكس تصاعد العنف المنظم في الضفة الغربية المحتلة؛ تحولت اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين إلى ظاهرة يومية تنذر بانفجار إنساني واسع. فمن القرى المحاصرة بين المستوطنات إلى الحقول المدمّرة وأشجار الزيتون المقتلعة؛ يعيش الفلسطينيون تحت وطأة عنف يتجاوز الأفراد إلى منظومة كاملة من الإرهاب الاستيطاني المدعوم من جيش الاحتلال.
وفي هذا السياق؛ أعلنت الأمم المتحدة أن شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي شهد 264 اعتداء نفذها المستوطنون ضد الفلسطينيين، في أعلى حصيلة شهرية منذ نحو عشرين عاماً، وفق بيانات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا”.
وأسفرت هذه الاعتداءات عن مقتل فلسطينيين وإصابة آخرين وتدمير واسع للممتلكات، ما يرسخ سياسة تهدف إلى اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم وتوسيع السيطرة الاستيطانية.
وأوضح نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق، أن هذه الاعتداءات تمثل “تصعيداً خطيراً” في وتيرة العنف بالضفة الغربية، مشيراً إلى أن أعداد الهجمات المسجلة خلال العام الجاري وحده تجاوزت 1,500 اعتداء، أي ما يعادل 15% من مجمل الاعتداءات المسجلة منذ عام 2006.
ووفق تقارير الأمم المتحدة؛ فقد أدت أعمال العنف التي يمارسها المستوطنون إلى تهجير أكثر من 3,200 فلسطيني من أراضيهم، وتدمير مئات المنازل والمزارع، إضافة إلى مقتل وإصابة مئات المدنيين، بينهم 42 طفلاً، أي ما يعادل واحداً من كل خمسة قتلى فلسطينيين في الضفة هذا العام.
ووفق أرقام فلسطينية رسمية؛ فقد تم توثيق 766 اعتداء خلال أكتوبر وحده، تركزت في رام الله والبيرة (195)، ونابلس (179)، والخليل (126). كما نفذ المستوطنون 352 عملية تخريب وسرقة، واقتلعوا وأتلفوا نحو 1,200 شجرة زيتون، في استمرارٍ لسياسة الأرض المحروقة التي تستهدف رمز الوجود الفلسطيني وعمقه التاريخي.
وتكشف هذه الأرقام عن فشل المنظومة القانونية للاحتلال في حماية المدنيين، إذ يتحرك المستوطنون تحت غطاء عسكري وأمني رسمي، ما يجعل جرائمهم جزءاً من سياسة ممنهجة لانتهاك القانون الدولي الإنساني وتقويض الوجود الفلسطيني في أرضه.
وفي ظل هذا الواقع؛ تبدو الضفة الغربية أمام مرحلة جديدة من التهجير الصامت، حيث يتحول الاستيطان من مشروع توسع إلى أداة قمع جماعي، بينما يتواصل الصمت الدولي حيال واحدة من أطول وأقسى حملات التطهير الممنهجة في التاريخ المعاصر.
























