تعرّض نشطاء “قافلة الصمود” المشاركة في المسيرة الشعبية المطالبة برفع الحصار عن قطاع غزة وفتح معبر رفح، لاعتداءات عنيفة نفذتها مجموعات من “البلطجية” في مواقع متعددة داخل مصر، وفق ما وثقته مشاهد مصورة تم تداولها مساء الجمعة.
وأسفرت هذه الاعتداءات عن إصابات في صفوف المشاركين، بينهم النائب التركي فاروق دينتش، ما أثار موجة غضب واسعة ومخاوف متصاعدة على سلامة النشطاء.
وتشكّل هذه الاعتداءات انتهاكاً مباشراً لحق الأفراد في التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي، فضلاً عن كونها انتكاسة خطيرة في واجبات الدولة تجاه حماية الأشخاص الموجودين على أراضيها، إذ يُعد فشل الأجهزة الأمنية المصرية في التدخل لمنع الهجمات أو تأمين النشطاء – رغم وقوع الاعتداءات في أماكن معروفة وتكرارها في أكثر من موقع – تقصيراً فادحاً، يُحمّل الدولة مسؤولية قانونية وأخلاقية عن الانتهاكات التي وقعت.
وتزامنت الاعتداءات مع إجراءات قمعية أخرى شملت توقيف وترحيل عدد من النشطاء الأجانب، ومصادرة جوازات سفر، ومنع قوافل من التقدّم باتجاه سيناء.
وبحسب مصادر من داخل الحملة؛ فإن أكثر من 40 مشاركاً تم اعتراضهم على بُعد نحو 45 كيلومتراً من العاصمة القاهرة، فيما لا يزال آخرون مهددين بالطرد وسط أجواء أمنية مشحونة وقيود مشددة.
ورغم إعلان منظّمي القافلة تمسكهم بالطابع السلمي للتحرك واحترامهم للسيادة المصرية، لم يتم توفير الحماية الواجبة لهم، بل جرى التضييق على حركتهم، وحرمانهم من حقوقهم في التنقل والتجمع، وهو ما يخرق أبسط المعايير القانونية المتعلقة بحرية التعبير وكرامة الإنسان.
ويُنظر إلى هذه الممارسات كجزء من سياق أوسع من التضييق على أنشطة التضامن مع غزة، في وقت يُفترض فيه أن تحمي الدولة من يمارسون حقهم في مناصرة الشعوب الواقعة تحت الاحتلال. ويُضاف إلى ذلك أن المسيرة لم تحمل أي طابع تحريضي أو عنفي، ما يجعل الرد الأمني عليها غير مبرر، ويثير تساؤلات بشأن استخدام مفرط وغير مشروع للقوة والتخويف.
وتضمّ “قافلة الصمود” نحو 1500 مشارك من تونس والجزائر وموريتانيا، وكان من المقرر أن تنضم إلى مسيرة أكبر تضم حوالي 4000 شخص من أكثر من 50 دولة، بهدف الوصول إلى معبر رفح سيراً على الأقدام بعد عبور سيناء انطلاقاً من القاهرة. إلا أن السلطات المصرية رفضت السماح للقافلة بدخول أراضيها من ليبيا، وبدأت بإجراءات ترحيل واحتجاز للرعايا الأجانب، وسط انتقادات حادة للموقف الرسمي.
وتحمل الاعتداءات على “قافلة الصمود” دلالات مقلقة حول تقويض الحق في التضامن وحرية الضمير في المنطقة، في وقت تزداد فيه المطالب الشعبية بوقف التعاون مع حكومة الاحتلال المتورطة في جرائم إبادة جماعية وفق توصيفات قانونية قائمة على ممارسات ممنهجة من القتل والتجويع والتهجير.
ويخلق استمرار هذه الانتهاكات، دون محاسبة، مناخاً خطيراً يُجرّم التضامن ويحوّل النشاط الحقوقي إلى تهمة، في تناقض صارخ مع القيم التي يفترض أن تحترمها الأنظمة التي تسعى إلى شرعية داخلية وخارجية قائمة على احترام حقوق الإنسان.
وتأتي هذه الاعتداءات في وقت تشهد فيه غزة كارثة إنسانية غير مسبوقة، مع استمرار الحرب المفتوحة التي يشنها الاحتلال منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي أودت بحياة أكثر من 182 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إلى جانب أكثر من 11 ألف مفقود ومئات آلاف النازحين. كما أدى الحصار إلى شلل شبه كامل في إدخال الغذاء والدواء والوقود، وسط تجاهل دولي متواطئ.