اعتقل جهاز الأمن الوطني المصري أمس الأربعاء، الكاتب الصحفي هاني صبحي من منزله في منطقة المرج بالقاهرة، على خلفية منشورين نشرهما على صفحته بموقع “فيسبوك”، قبل أن يغلق هاتفه ويختفي أثره منذ ذلك الحين.
وقالت زوجته ميري نعيم في تصريحات إعلامية، إن ثلاثة أشخاص بملابس مدنية طرقوا باب شقتهما نحو الثانية بعد منتصف الليل، وأبلغوه بأنهم “يحتاجونه خمس دقائق فقط تحت البيت”، ثم اقتادوه إلى جهة غير معلومة دون إبراز إذن ضبط أو توضيح الجهة التي يتبعونها. وأضافت: “أخذوه في سيارة ومشوا، ومن وقتها وهاتفه مغلق ولا نعرف عنه شيئاً”.
وكان صبحي قد كتب أثناء لحظة القبض عليه منشوراً مقتضباً قال فيه: “بيقبضوا عليا في قسم المرج”. وبعد دقائق حُذف المنشور من صفحته، ثم أُغلقت صفحته وحُجب تواصله تماماً.
وبحسب مصادر مقربة من أسرته، فإن اعتقاله جاء بسبب منشورين على فيسبوك؛ الأول تناول فيه قصة العجل الذهبي في الديانات السماوية بعد صناعة تمثال مطلي بلون ذهبي في بلجيكا للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، واعتبرها قصة رمزية دينية لا علاقة لها بالسياسة، فيما كان الثاني تعليقاً ساخراً على الإعلامية داليا زيادة التي أثارت جدلاً واسعاً بعدما أشادت بـ”صمود الشعب الإسرائيلي” متجاهلة المأساة الإنسانية في غزة.
ومنذ لحظة الاعتقال؛ تؤكد زوجته أنها أمضت ساعات طويلة في قسم المرج ونيابة مصر الجديدة بحثاً عنه، دون أن تجد اسمه في أي سجل رسمي، ما يعزز مخاوف الأسرة من أنه محتجز بمعزل عن العالم الخارجي، في مخالفة صريحة للدستور المصري الذي يجرّم الاحتجاز دون إذن قضائي، وينص في مادته (54) على أن “الحرية الشخصية حق طبيعي، وهي مصونة لا تُمس”.
وتأتي حالة هاني في سياق اتساع دائرة الملاحقات الأمنية لأصحاب الرأي، لا سيما الكتّاب والمدونين الذين يستخدمون الفضاء الإلكتروني للتعبير عن آرائهم. فبدلاً من الرد على الأفكار بالنقاش، تُواجَه الكلمة الحرة بالقبضة الأمنية، في مشهد يُضعف ما تبقى من مساحات التعبير السلمي في مصر.
ويُعد هاني صبحي من الأصوات الأدبية الشابة التي تناولت قضايا إنسانية واجتماعية بجرأة ووعي نقدي، إذ أصدر في العام الماضي مجموعته القصصية “روح الروح” التي تضمنت نصوصاً عن الحرب على غزة وسؤال العدالة في وجه الإبادة، كما صدرت له رواية “على قهوة في شبرا” عام 2020، التي جسدت تفاصيل الحياة اليومية في أحد أحياء القاهرة القديمة.
وتبقى قضية صبحي اختباراً جديداً لاحترام الحق في حرية الرأي والتعبير، ومرآةً لحال الكاتب والمثقف في بلدٍ تُعتبر فيه الكلمات الحرة جريمة تستحق الملاحقة.