يعاني قطاع غزة منذ أكثر من عام من حرب إبادة إسرائيلية مستمرة، تفاقمت في الأشهر الأخيرة مع تصاعد وتيرة القصف والغارات الجوية، مما أدى إلى تدهور شامل في الوضع الإنساني والصحي.
وتسلط هذه الأزمة الضوء على معاناة المرضى في ظل استهداف المرافق الصحية، وعدم توفر الإمكانيات اللازمة لتقديم الرعاية الطبية، مما يستدعي تحركاً دولياً عاجلاً لإنقاذ الأرواح.
واليوم الجمعة؛ أعلنت منظمة الصحة العالمية أن هناك 12 ألف مريض في قطاع غزة بحاجة ماسة للإجلاء الطبي، فيما تم إجلاء 8 مرضى فقط عبر آلية الحماية المدنية التابعة للاتحاد الأوروبي.
ويمثل هؤلاء المرضى، الذين يعانون من أمراض مزمنة وحالات حرجة، عينة صغيرة من معاناة عشرات الآلاف من السكان المحرومين من العلاج الأساسي.
وفي السياق ذاته؛ أشار المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، إلى أن عدداً من الدول الأوروبية (بلجيكا، إسبانيا، ورومانيا) استقبلت المرضى الذين تم إجلاؤهم، معرباً عن امتنانه لهذه الدول. ومع ذلك، يبقى العدد الأكبر من المرضى في غزة دون أي أفق للإجلاء.
استهداف المستشفيات
وفي جريمة حرب جديدة؛ استهدفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة، ما أدى إلى مقتل الفتى محمود أبو العيش (16 عاماً)، وهو مريض على كرسي متحرك، وإصابة مرضى وكوادر طبية.
وأفادت وزارة الصحة بغزة أن جيش الاحتلال اقتحم المستشفى لساعات، واعتقل عدداً من المرضى والكادر الطبي، وأجبر الجميع على الإخلاء تحت التهديد.
وأكدت مصادر طبية أن الهجوم ألحق أضراراً بالغة بالمعدات الطبية، بما في ذلك مولدات الأكسجين، ما يهدد حياة مئات المرضى.
ووصف مدير المستشفى، حسام أبو صفية، الوضع بـ”الكارثي”، مشيراً إلى نقص الأدوية والإمدادات الطبية، بالإضافة إلى استهداف الطواقم الطبية والمرافق بشكل متكرر.
تدمير شامل للنظام الصحي
وبحسب منظمة الصحة العالمية؛ فإن أكثر من نصف المرافق الصحية في غزة توقفت عن العمل بسبب نقص الوقود والكهرباء، إضافة إلى الهجمات المباشرة التي دمرت المستشفيات والمراكز الصحية.
كما أدى النزوح الجماعي لما يزيد عن 1.9 مليون شخص إلى تفاقم الوضع الصحي والإنساني.
وأسفرت حرب الاحتلال عن مقتل أكثر من 521 شخصاً داخل المنشآت الصحية، من بينهم 16 من العاملين في المجال الصحي، وفق منظمة الصحة العالمية التي أشارت إلى أن هناك 137 هجوماً مباشراً استهدفت البنية الصحية في القطاع منذ بداية الحرب.
أوضاع إنسانية مأساوية
ويشهد قطاع غزة مجاعة شديدة، خاصة في شمال القطاع، نتيجة للحصار المشدد والقصف المتواصل.
وتفيد التقارير بأن مليونين من سكان غزة يعيشون في أوضاع إنسانية قاسية داخل خيام لا تقيهم برد الشتاء أو حر الصيف، مع نقص حاد في المياه النظيفة والغذاء والوقود.
ويرقى الوضع في غزة إلى كارثة إنسانية وصحية غير مسبوقة، حيث يعاني السكان من استهداف مباشر للبنية الصحية والإنسانية في ظل حصار مطبق.
وتتطلب هذه الأزمة تحركاً دولياً فورياً لوقف الانتهاكات الإسرائيلية، وفتح ممرات إنسانية، وضمان تقديم الرعاية الطبية للسكان، فإن استمرار هذا الوضع يمثل تهديداً خطيراً لحياة مئات الآلاف، ويزيد من تدهور الوضع الإنساني في القطاع.