تحدث الأسرى الفلسطينيون المحررون الذين أُفرج عنهم أمس السبت ضمن صفقة التبادل بين الاحتلال الإسرائيلي وغزة، عن أوضاعهم الصعبة داخل سجون الاحتلال، كاشفين عن معاناة يومية شديدة تجعل من تلك السجون أشبه بـ”مقابر الأحياء” بحسب وصفهم.
الأسير المحرر محمود سامر جبارين، من مخيم جنين شمال الضفة الغربية، وصف سنوات سجنه السبع بأنها الأصعب في حياته.
وأشار إلى أن فترة العدوان الإسرائيلي على غزة كانت الأكثر قسوة بسبب سياسة التنكيل والضرب والإهانة التي مورست ضد الأسرى.
وقال: “كنا منفصلين عن العالم تمامًا، حيث سُحب منا كل شيء، وتعرضنا جميعًا للضرب والتعذيب، ولم يرحموا أحدًا، لا عجوزًا ولا طفلًا ولا مريضًا”.
وأضاف جبارين أن القوات الخاصة الإسرائيلية اعتادت اقتحام غرف الأسرى في منتصف الليل، مستخدمة العنف المفرط مثل رش المياه الباردة وإطلاق قنابل الغاز دون مبرر.
وأوضح أن الأسرى يتعرضون للضرب والشتم والإهانة بشكل يومي، قائلاً: “غرف الأسرى بالكاد تتسع لساكنيها، حيث يعيش 12 أسيرًا في غرفة لا تتعدى مساحتها 12 مترًا مربعًا بلا فراش”.
وختم قائلاً: “نُعامل كما لو أننا لا نستحق الحياة”.
من جانبه؛ شبه الأسير المحرر محمود بشارات، من بلدة طمون بمحافظة طوباس، خروجه من السجن بالخروج من قبر مظلم.
وقال: “عانيتُ الجوع والقهر والإهمال الطبي طوال 10 سنوات من الاعتقال. منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لم ننم يومًا إلا جوعى، ولم يمضِ يوم دون خوف وضرب وتنكيل”.
وأكد بشارات أن العشرات من زملائه أصيبوا بكسور جراء الضرب المبرح الذي تعرضوا له، مضيفاً: “الوضع في السجون لا يمكن وصفه، فهو أقرب إلى القبور”.
الأسير المحرر عبد الرحمن حسان وشاح، البالغ من العمر 52 عامًا، كشف عن معاناته الصحية داخل المعتقلات الإسرائيلية، حيث انخفض وزنه من 115 كيلوغرامًا إلى 55 كيلوغرامًا بسبب التعذيب.
وأشار إلى أن جسده مليء بالجروح الناتجة عن الضرب المتكرر.
وفي السياق نفسه؛ تحدث الأسير المحرر خليل مسلم براقعة عن المعاناة الصعبة داخل سجون الاحتلال، مؤكدًا أن الأسرى فقدوا الكثير من أوزانهم بسبب التجويع والتنكيل.
وقال: “وجوهنا تعكس ما مررنا به. نحن نعيش اليوم فرحة كبيرة بتحقيق الحرية، ولكنها لن تكتمل إلا بالإفراج عن جميع الأسرى”.
وأوضح براقعة، الذي يعاني من أمراض عدة تفاقمت في السجن، أن الأسرى يعيشون ظروفًا غير إنسانية ويتوقون جميعًا إلى يوم حريتهم.
وبموجب المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وصفقة تبادل الأسرى، أُفرج عن 200 أسير فلسطيني، بينهم 30 من أصحاب المؤبدات و20 من ذوي الأحكام العالية، مقابل 4 مجندات إسرائيليات.
وتأتي هذه الخطوة في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي في احتجاز أكثر من 10 آلاف فلسطيني في سجونها.
وتجدر الإشارة إلى أن الأوضاع المروعة التي وصفها الأسرى المحررون داخل سجون الاحتلال، تشكل انتهاكًا صارخًا لاتفاقيات جنيف الرابعة، التي تحظر المعاملة اللاإنسانية والتعذيب وسوء المعاملة للأشخاص المحميين بموجب القانون الدولي الإنساني.
وتؤكد شهادات الأسرى المفرج عنهم، الحاجة الملحة لتدخل المجتمع الدولي، لضمان المساءلة القانونية وإنهاء سياسات الاحتلال التي تتعارض مع المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان.