اتهمت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب “أفعال إبادة جماعية” في قطاع غزة، مشيرة إلى أن إسرائيل تعمدت تدمير المركز الطبي الرئيسي للخصوبة في القطاع، بالتزامن مع فرض حصار خانق ومنع دخول المساعدات الإنسانية، بما في ذلك الأدوية الضرورية للحمل الآمن، والولادة، ورعاية الأطفال حديثي الولادة.
وأكدت اللجنة أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي “دمرت بشكل منهجي البنية الصحية الإنجابية للفلسطينيين في غزة”، موضحة أن ذلك يندرج تحت اثنتين من فئات الإبادة الجماعية وفقًا للقانون الدولي:
- التسبب عمدًا في ظروف معيشية تهدف إلى التدمير المادي للفلسطينيين كمجموعة.
- فرض تدابير لمنع الولادات داخل المجموعة، وهو ما يعتبر إبادة جماعية عبر استهداف القدرة الإنجابية للسكان الفلسطينيين.
في سياق متصل، حذر المقرر الأممي الخاص بالحق في الغذاء من أن إسرائيل تنفذ أسرع حملة تجويع في العصر الحديث، متسائلًا: “كيف يمكن لإسرائيل أن تفرض المجاعة على 2.3 مليون إنسان بهذه السرعة وهذا الشمول؟”.
وأشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي أوقف بالكامل دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وهو ما وصفه بأنه ليس وقفًا لإطلاق النار، بل مجرد تباطؤ في القتل العسكري لصالح قتلٍ آخر يتم عبر التجويع.
وأكدت المقررة الأممية الخاصة بالأراضي الفلسطينية، فرانسيسكا ألبانيزي، أنه، حتى لو توقفت الهجمات العسكرية، فإن الإبادة الجماعية ستستمر بسبب الدمار الشامل للبنية التحتية والحياة في غزة، مما يجعل من المستحيل على الفلسطينيين البقاء على قيد الحياة أو إعادة بناء حياتهم.
كما حذرت من أن العنف الممنهج ضد الفلسطينيين يتوسع ليشمل الضفة الغربية، حيث بلغ مستويات غير مسبوقة في شدته وخطورته، مؤكدة أن الاحتلال الإسرائيلي يمارس سياسة إبادة جماعية مستمرة، تمتد آثارها خارج غزة إلى باقي الأراضي الفلسطينية.
من جهته، ندد المقرر الأممي الخاص بحماية حقوق الإنسان، بن سول، بخطة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لترحيل سكان غزة، محذرًا من أن تنفيذ هذه الخطة سيؤدي إلى تدمير النظام القانوني الدولي بالكامل منذ عام 1945.
وأوضح أن الخطة الإسرائيلية الأمريكية للتهجير الجماعي تخالف بشكل صارخ القوانين الدولية لأنها تعتمد على:
- الغزو العسكري وضم الأراضي بالقوة.
- الترحيل القسري لسكان غزة.
- حرمان الفلسطينيين من حقهم في تقرير المصير.
كما أشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يكثف أنشطته العسكرية غير القانونية خارج فلسطين، مستشهدًا بـ احتلال الجولان السوري، والضربات العسكرية في سوريا، والتهديدات المستمرة للبنان وإيران. وأكد أن الصمت الدولي على جرائم إسرائيل في فلسطين شجعها على انتهاك القوانين الدولية في جميع أنحاء المنطقة.
فيما أعربت ميغ ساترويثيت، المقررة الأممية الخاصة باستقلالية القضاة والمحامين، عن قلقها من العقوبات الأمريكية المفروضة على المحكمة الجنائية الدولية، معتبرة أنها قد تصل إلى جرائم ضد العدالة بموجب المادة 70 من نظام روما الأساسي.
وأكدت أن هذه العقوبات تهدف إلى إعاقة سير العدالة وتهديد المسؤولين في المحكمة بسبب عملهم في التحقيق بجرائم الحرب الإسرائيلية، داعية المجتمع الدولي إلى رفض هذه الهجمات على سيادة القانون الدولي واتخاذ موقف موحد لحماية استقلالية العدالة الدولية.
في ظل هذه التطورات، تتزايد الدعوات إلى تحرك دولي عاجل لمحاسبة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه في غزة والضفة، ووقف كل أشكال الدعم السياسي والعسكري الذي يمكن أن يسهم في استمرار الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين.
وأكدت الأمم المتحدة أن الصمت الدولي والتواطؤ مع الاحتلال الإسرائيلي لا يشجع سوى على المزيد من الجرائم، ويفتح الباب أمام تقويض النظام القانوني الدولي بالكامل.