تتواصل المأساة الإنسانية في قطاع غزة بوتيرة غير مسبوقة، حيث يعيش الفلسطينيون – وفي مقدمتهم الأطفال – ظروفاً كارثية من جميع الجوانب. ومع استمرار الهجمات العسكرية والحصار الخانق؛ باتت حياة الملايين مهددة بالجوع، النزوح القسري، والإبادة الجماعية الممنهجة.
وخلال مؤتمر صحفي للأمم المتحدة في نيويورك، أوضحت مديرة الاتصالات الإقليمية بمنظمة “اليونيسف”، عبر اتصال مرئي من غزة، أن المعاناة التي يشهدها أطفال القطاع ليست صدفة، بل نتيجة مباشرة للهجمات المتكررة من قوات الاحتلال.
وأكدت أن حياة الفلسطينيين في غزة “تتفكك بشكل منهجي”، وأن الأطفال يواجهون خطر الموت أو الإصابة بعاهات خطيرة حتى وهم نائمون فيما يُسمى زوراً “مناطق آمنة”، بينما الواقع يكشف أنها غير آمنة على الإطلاق.
وأضافت أن مدينة غزة، التي لجأت إليها العائلات كملاذ أخير، لم تعد صالحة للحياة، ما يعكس حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها السكان.
من جانبه، أعلن المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أن التصعيد العسكري للاحتلال يجبر آلاف الفلسطينيين على النزوح مراراً وتكراراً.
فقد سُجلت خلال يومين فقط ثلاثة آلاف حالة نزوح جديدة من شمال غزة إلى جنوبها، في ظل استمرار استهداف المباني المدنية وتعمد عرقلة وصول المساعدات الإنسانية.
وأشار إلى أن هذه السياسات تؤدي إلى إفقار المجتمع الفلسطيني من مقومات الحياة الأساسية، وتضعه تحت تهديد مباشر بالمجاعة والفناء الجماعي.
وتُصنّف الجرائم الجارية في غزة على أنها إبادة جماعية وفق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، التي تعرّفها بأنها الأفعال الهادفة إلى تدمير جماعة قومية أو إثنية أو دينية كلياً أو جزئياً.
كما أن استهداف المدنيين وحرمانهم من الغذاء والماء والدواء يتعارض بشكل مباشر مع اتفاقيات جنيف، التي تحظر استخدام التجويع كسلاح حرب.
أما النزوح القسري المتكرر، فهو انتهاك واضح للمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر النقل القسري الجماعي أو الفردي للسكان المحميين.
ومنذ 7 أكتوبر 2023، وبدعم أمريكي مباشر، ارتكب الاحتلال مجازر متواصلة أودت بحياة 63,746 فلسطينياً، وإصابة أكثر من 161,245، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى 9,000 مفقود تحت الركام، ومئات آلاف النازحين.
كما أدى الحصار والمجاعة إلى وفاة 367 فلسطينياً بينهم 131 طفلاً حتى يوم الأربعاء، في تأكيد على أن سياسات التجويع أصبحت أداة منظمة للإبادة.
إن ما يجري في غزة يتجاوز توصيف الانتهاكات الفردية أو الجرائم المعزولة، ليشكل سياسة متكاملة تهدف إلى إبادة جماعية وتدمير مقومات حياة الفلسطينيين. وإن السكوت عن هذه الجرائم يساهم في تعميق الكارثة ويشرعن استمرارها، بينما يفرض القانون الدولي واجباً عاجلاً على المجتمع الدولي للتحرك الفوري، حمايةً للشعب الفلسطيني ووقفاً لمسار الإبادة الممنهجة.