استمرارًا لسياسات الإبادة الجماعية التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، والتي استمرت بالتفجيرات والقصف لمدة 15 شهرًا، وتستمر الآن باستخدام أسلحة أخرى مثل التجويع وشل كل معالم الحياة، وفي ظل هدنة هشة لوقف إطلاق النار تخترقها إسرائيل منذ اليوم الأول لسريانها، شهدت الأوضاع الإنسانية تصعيدًا خطيرًا منذ 2 مارس/آذار 2025، بعد قرار سلطات الاحتلال منع دخول المساعدات الإنسانية والوقود، تبعه قرار آخر في 9 مارس/آذار أكثر قسوة تمثل في قطع إمدادات الكهرباء بشكل تام عن القطاع، ما تسبب بكارثة مائية واقتصادية ومعيشية واسعة النطاق.
نتيجة لهذه القرارات، حذرت منظمات الإغاثة الدولية من أن المخزونات الغذائية والدوائية في غزة باتت محدودة للغاية بعد أن أوقفت إسرائيل تدفق المساعدات إلى القطاع، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية بشكل جنوني، ما زاد من معاناة السكان الذين يعانون بالفعل من نقص حاد في المواد الأساسية نتيجة الحصار المفروض منذ سنوات.
وقد أدى قطع الكهرباء من قبل الاحتلال الإسرائيلي إلى توقف محطة تحلية المياه الرئيسية في دير البلح، والتي كانت توفر مياه شرب نظيفة لما يزيد على 600 ألف نسمة في وسط وجنوب القطاع، لتتراجع قدرة المحطة الإنتاجية بنسبة 80% على الأقل، ما دفع أكثر من نصف مليون مواطن للعيش في ظروف قاسية دون توفر مياه نظيفة. وأكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في 11 مارس/آذار أن أزمة المياه في غزة بلغت “مستويات حرجة للغاية”، حيث لم يعد بإمكان 9 من كل 10 مواطنين الحصول على مياه شرب آمنة، ما يزيد من انتشار الأمراض والأوبئة ويهدد بحدوث كارثة صحية واسعة النطاق.
من جانب آخر، تسبب انقطاع الكهرباء وتراجع دخول الوقود في توقف شبه كلي لمحطات الصرف الصحي، مما يهدد القطاع بكارثة بيئية وصحية. ونتيجة لذلك، ارتفعت التحذيرات الدولية بشكل ملحوظ خلال الأيام الأخيرة من احتمالية تفاقم أزمة غذائية غير مسبوقة تصل إلى حد المجاعة. وفي 11 مارس/آذار، حذر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان من أن استمرار إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات قد يؤدي إلى مجاعة واسعة النطاق في غزة، مشيرًا إلى استشهاد 145 فلسطينيًا وإصابة 605 آخرين منذ وقف إطلاق النار في يناير/كانون الثاني الماضي نتيجة تدهور الأوضاع الإنسانية والاقتصادية وانعدام الخدمات الأساسية.
وتُحمل المنظمات الحقوقية والإنسانية الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم والانتهاكات الجسيمة بحق سكان القطاع، وتطالب المجتمع الدولي بالضغط بشكل عاجل وفعال على سلطات الاحتلال لإنهاء الحصار فورًا وضمان إعادة فتح المعابر لإدخال المواد الأساسية، والتدخل الفوري لإنقاذ حياة أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون كارثة إنسانية تُوشك أن تتحول إلى مجاعة واسعة النطاق.