قررت نيابة أمن الدولة العليا في مصر حبس 38 مواطنًا، بينهم أربع نساء، لمدة 15 يومًا على ذمة التحقيق، بعد عرضهم لأول مرة إثر فترات من الاختفاء القسري.
ويأتي ذلك في سياق معتاد باتت تتكرر فيه وقائع الاحتجاز غير المعلن لمواطنين، قبل ظهورهم أمام جهات التحقيق، في قضايا تتصل بمواقف أو آراء يُنظر إليها على أنها ذات طابع سياسي.
ويُعرض هؤلاء المحتجزون عادة بعد أسابيع أو شهور من الانقطاع الكامل عن التواصل مع أسرهم، دون الإفصاح عن أماكن وجودهم أو السماح لهم بمقابلة محامين، ما يشكل انتهاكًا واضحًا للحقوق القانونية المكفولة بموجب الدستور والمعايير الدولية للمحاكمة العادلة.
وتضمنت الاتهامات الموجهة للمحبوسين تهمًا متكررة وغامضة الصياغة، من بينها: الانضمام إلى جماعة إرهابية، نشر أخبار كاذبة، إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، والتحريض على العنف. وتُستخدم مثل هذه الاتهامات بصورة معتادة لتبرير الحبس الاحتياطي، في غياب أدلة مادية معلنة أو إجراءات شفافة.
وشملت قائمة المحبوسين أربع نساء: ندا أحمد الغزالي، نهاد رأفت قطب، صابرين مغاوري حسن، مها حمدي أحمد، وذلك في إطار نمط مستمر من استهداف النساء ضمن قضايا من هذا النوع، وهو ما يثير القلق بالنظر إلى التقارير المتكررة عن الظروف غير الإنسانية في أماكن الاحتجاز، خاصة في ظل غياب الرقابة القضائية الفعالة.
وضمت قائمة المحتجزين كلا من: أحمد إبراهيم محمد، أحمد زايد سعد، أشرف علي عبد الحميد، بلال سيد صديق، حسام حسن السنوسي، حسين السيد شعيب، خالد عادل عبد الله، خالد محمد عبد البديع، خالد يوسف محمد، صفوت يوسف زكي، عامر كمال عمار، عبد الله محمود عبد القوي، عبد الملك محمد أحمد، عمرو خالد عاطف، محمد حسن عبد الفتاح، محمد عطية عبد الرحيم، محمد فخري المغاوري، محمد محمود الأسيوطي، محمود حلمي فارس، مصطفى مدحت دياب، وليد محمود محمد، ياسين مصطفى سالم، أحمد حسن متولي، أحمد عبد الله عبد الحافظ، أحمد وجيه فتحي، إسلام زيان عبد الفتاح، عبد الرحمن عادل صديق، كريم كرم عبد الرؤوف، محمد عادل كامل، محمود خالد عبد العزيز، مؤمن سيد يوسف، ياسر فرج الدفراوي، يوسف جاد الكريم السيد، يوسف خليفة إبراهيم.
وسبق أن قدّمت أسر المحتجزين بلاغات رسمية إلى مكتب النائب العام، فور اختفاء ذويهم، طالبت خلالها بالكشف عن أماكن احتجازهم، متهمة جهات أمنية باقتيادهم دون عرضهم على السلطات القضائية. إلا أن هذه البلاغات لم تلقَ أي استجابة تذكر، في مخالفة صريحة للمادة 54 من الدستور التي تنص على ضرورة تمكين الموقوف من الاتصال بذويه ومحاميه خلال 24 ساعة من توقيفه، كما تتعارض هذه الممارسات مع الاتفاقيات الدولية التي تحظر الإخفاء القسري.
ولا تعكس هذه الواقعة حادثًا استثنائيًا، بل تأتي ضمن نسق ممتد من الانتهاكات التي تفتقر للرقابة والمساءلة، وسط استمرار العمل بإجراءات استثنائية تُستخدم لتقويض الحريات وتكريس ممارسات أمنية على حساب سيادة القانون.