لا بد من تشكيل محكمة دولية متخصصة لمحاسبة كل أولئك الذين يرتكبون جرائم بحق الصحفيين
يوافق اليوم الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين في السلم والحرب، فالمئات قتلوا أو تعرضوا للإصابة خلال تغطية أحداث عنيفة كالحروب وهناك من اعتقل وعذب أو اختفى قسريا او حكم عليه لسنوات بتهم مفبركة كالانتماء لتنظيم إرهابي أو تهديد الأمن القومي.
وعلى الرغم من أن مهنة الصحافة مهنة شاقة ومحفوفة بالمخاطر فإن هناك من يجعلها مهنه مستحيلة وهؤلاء هم من يخشون من وصول الحقيقة إلى الجمهور الواسع فتجد في هذه الدول فقط صحافة موالية مهمتها مدح النظام وغسل جرائمه وتغطيتها.
إن الرد العنيف من قبل الأنظمة الديكتاتورية على الصحافة الحرة لم يجد أي رادع لذلك فإن الإفلات من العقاب هو السائد ويعود سبب ذلك أن كثير من الدول التي تسودها الصحافة الحرة وتحترم فيها المبادئ الأساسية لمهنة الصحافة وتستطيع فعل الكثير لمحاسبة الأنظمة المنفلتة إلا أنها تفضل الصمت وعدم فعل شيء بسبب المصالح المتبادلة سواء أمنية أو صفقات أسلحة أو تبادل اقتصادي.
وبسبب عدم وجود محاسبة تحول اليوم الدولي لإنهاء الافلات من العقاب إلى مناسبة للتذكير بمعاناة الصحفيين ومن يقبع منهم في السجون، وسرد إحصائيات مثل في ” الأربعة عشر سنوات الاخيرة من 2016-2019 قتل ما يزيد عن 1200 صحفي” وهذا رقم كبير يعني أننا نعيش في عالم متوحش يكره الحقيقة .
لا يوجد عدالة محلية أو دولية ناجزة تنصف الصحفيين، فهذا مثلا الصحفي محمود حسين أحد صحفيي الجزيرة مضى على اختطافه أكثر من ألف يوم وهو معتقل دون أي تهمة أو محاكمة، وعلى الرغم من الضغط من أجل إطلاق سراحه إلا أن النظام المصري يصر على اعتقاله كرهينة للضغط على قناة الجزيرة لتغيير خطها التحريري في تناول الشأن المصري .
مهزلة العدالة التي يعاني منها الصحفيون لن تنتهي إلا إذا توقف نفاق بعض الدول التي تؤمن بمبادئ الصحافة الحرة وتطبقها في حين أنها تعقد الصفقات وتمد الجسور مع أنظمه لا تؤمن بهذه المبادئ بل تقمع الصحفيين وتقتلهم ولا شك أن مثل هذه العلاقات تعزز آلة القمع وتجعل النظام غير مبالي بالانتقادات مهما تعاظمت.
إن تشكيل محكمة دولية متخصصة في الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين بات أمرًا ملحا لمحاسبة كل أولئك الذين يعتمدون الاعتداء على الصحافة الحرة كمنهج من اجل تغييب الحقيقة والعبث في وعي الجماهير خدمة لمصالحهم وأجنداتهم الشخصية.