تمتنع السلطات الإماراتية عن إطلاق سراح عشرات المعتقلين السياسيين، وتحوّلهم إلى “الاعتقال الإداري” دون تهمة، تحت مسمى رعايتهم في “مراكز المناصحة”، في انتهاك واضح لحقوق الإنسان.
ومن هؤلاء المعتقلين رئيس مركز الإصلاح الأسري في محاكم دبي، معتقل الرأي عبدالسلام درويش، الذي انتهت محكوميته في 22 تموز/يوليو الفائت، بعد أن مكث في السجن 10 سنوات، على خلفية مطالباته بإجراء إصلاحات سياسية في البلاد.
وقالت زوجته عواطف الريس في تغريدة حديثة على موقع “تويتر”: “بعد أن أكمل زوجي مدة حكمه في سجن الرزين بأبوظبي 10 سنوات؛ أضيف إليها شهران توقيفاً بلا مبرر”.
وتابعت: “بالأمس حُددت له جلسة تمديد الحبس في 21/9/2022 بحجة المناصحة التي ليس لها في الحقيقة أي إجراءات سوى الحبس التعسفي، أو ما يسمى بالسجن الإداري، لأنه حتى اليوم لم يتحدث معه أحد عن ماهية المناصحة”.
وكانت الريس قد قالت في تغريدات سابقة “اليوم 22/7/2022 أكمل زوجي 10 سنوات من يوم اختطافه من الشارع في رمضان بعد صلاة التراويح في 23/7/2012 من قبل أفراد مجهولي الهوية، ودون إذن قضائي، وقادوه لمكان مجهول عرفنا فيما بعد (السجون السرية) التابعة لجهاز المخابرات”.
وأضافت “بعد تعذيبه لنحو ثمانية شهور؛ عُرض على محكمة صورية ليحكَم عليه 10 سنوات بالسجن ظلماً”.
وتابعت: “من الصباح الباكر أترقب مكالمة من ابنتي في الإمارات علّها تبشرني بالإفراج عن والدها، أو أسمع صوته الفرح بالإفراج عنه (..)، لكن للأسف أخبرتني ابنتي بألم وحزن شديدين أنه لم يتم الإفراج عنه، وأنها اتصلت بسجن الرزين ولكن لا مجيب كالعادة”.
وأردفت: “حتى هذه اللحظة لم يفرَج عن زوجي الذي أكمل مدة حكمه العشر سنوات! بأي شريعة تدار دولة لا يُحترم فيها القانون ولا حكم القضاء المسيّس؟ أتحكم الامارات بشريعة الغاب (القوة فوق القانون)، أم أنها إحدى جمهوريات الموز؟”.
والمعتقل عبد السلام درويش هو رئيس مركز الإصلاح الأسري في محاكم دبي، وقد كان صاحب فكرة إنشاء هذا المركز الإصلاحي، الذي حقق نجاحًا كبيرًا في المجتمع الإماراتي، حيث انخفضت نسبة الطلاق في دبي من 42 بالمئة إلى 21 بالمئة، الأمر الذي جعل عدداً من الدول العربية تسعى لنقل هذه التجربة المتميزة إليها، وتطلب الاستعانة به في هذا المجال.
وكانت السلطات الإماراتية قد اعتقلته في 24 تموز/يوليو 2012، بعد خروجه من صلاة التراويح في طريقه إلى منزله، وذلك ضمن حملة ممنهجة شنّتها السلطات الإمارتية على من يسمون بـ”دعاة الإصلاح”، والتي كان الأستاذ عبد السلام من أبرز أعضائها في القضية المعروفة باسم “الإمارات 94”.
وإبان اعتقاله؛ تعرّض الأستاذ عبد السلام إلى الإخفاء القسري في سجن انفرادي لمدة ثمانية أشهر، لم تتمكن فيها أسرته من الحصول على أي معلومات عنه إلا بعد 21 يوماً من اعتقاله، وذلك باتصال هاتفي قصير، وطيلة هذه المدة لم تتمكن أسرته من زيارته إلا بعد أربعة أشهر من تاريخ اعتقاله، إلا أن مكان إخفائه بقي غير معلوم إلى أن تم نقله إلى سجن الرزين في 9 آذار/مارس 2013.
وفي 2 تموز/يوليو 2013، حكمت المحكمة الاتحادية العليا في أبو ظبي على عبدالسلام محمد درويش المرزوقي، بالسجن 10 سنوات مع ثلاث سنوات إضافية للمراقبة.
ومنذ سنوات؛ تزج السلطات الإماراتية في السجون بالمئات من النشطاء السلميين ونشطاء حقوق الإنسان، المطالبين بإصلاح سياسي يفتح المجال أمام انتخابات ديمقراطية حقيقية.
وتتهم تقارير حقوقية دولية، النظام الإماراتي باعتقال المئات على خلفية التعبير عن الرأي تحت مظلة “الإرهاب وتمويله”، مواصلاً احتجاز العشرات منهم على الرغم من انتهاء فترة محكومياتهم في خرق واضح للقانون الدولي، وانتهاك صارخ لحق المعتقل في استعادة حريته بعد انقضاء فترة سجنه.