قالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا أن وباء الإهمال الطبي في السجون المصرية أودى بحياة مُعتقليْن خلال أقل من 24 ساعة، مؤكدة أن إدارات مقار الاحتجاز بما تعانيه من تكدس ورداءة في التهوية ما هي إلا مقابر للأحياء تسحق أرواح المعتقلين واحدا تلو الآخر.
وفاة نتيجة الإصابة بفايروس كورونا
أحد الضحايا هو المعتقل المتوفى صفوت الشامي (58 عاماً)، والذي توفي صباح الخميس 31 ديسمبر/كانون الأول 2020 متأثراً بإصابته بفيروس كورونا، الذي أُصيب به داخل مقر احتجازه في سجن شبين الكوم العمومي في محافظة المنوفية -جنوب الدلتا-، وقد أشارت المنظمة أنه توفي قبل انتهاء مدة محكوميته بشهرين فقط بعد اعتقال دام عشرة أشهر تخللته ظروف احتجاز وحشية ومعاملة قاسية.
وبينت المنظمة أن الشامي وافته المنية داخل العزل الصحي في مستشفى حميات شبين الكوم، بعد نقله إليها منذ حوالي 15 يوماً من مقر احتجازه إثر إصابته بفايروس كورونا، وبينما عانى من الإهمال وسوء الرعاية في المستشفى، لم تتخذ إدارة السجن أي إجراء عملي لعزل المخالطين له أو محاولة الحد من تفشي الوباء داخل السجن، مما أسفر عن ظهور أعراض الإصابة على عدد كبير من المعتقلين دون أن يتم عزلهم أو تمكينهم من العلاج الملائم.
انعدام الانسانية
وأضافت المنظمة أن وفاة الشامي سبقها بأقل من 24 ساعة وفاة شخص آخر وهو المعتقل محمد صبحي (74 عاماً)، الذي لم تراع السلطات كبر سنه وقامت باعتقاله في سبتمبر/أيلول الماضي رغم تراجع وضعه الصحي بصورة كانت تستدعي رعاية طبية مستمرة، إذ كان يعاني من مرض “الوذمة الرئوية”، وهو مرض تتراكم فيه السوائل على الرئتين، وهذا التراكم يؤدى إلى ضيق في التنفس، وقصور في عمل عضلة القلب، بالإضافة إلى إصابته بالدوالي.
وأوضحت المنظمة أن “صبحي” قضى داخل مقر احتجازه في قسم شرطة أول الزقازيق في محافظة الشرقية الذي عومل بداخله بطريقة لا إنسانية، بالإضافة إلى حرمانه من الأدوية والتي يشكل عدم الانتظام فيها خطر جسيم.
كارثة محتملة
وبينت المنظمة أن أخبار الوفيات المتتالية من السجون المصرية لا تُعد مفاجئة، فمقار الاحتجاز المصرية تفتقر في هيكلها الإنشائي إلى المعايير الفنية الدولية لمقار الاحتجاز الصالحة للبشر، ومن جهة أخرى تزايد عدد المعتقلين بصورة مفزعة تسبب في تكدس كبير داخل الزنازين التي يعاني المحتجزون داخلها من سوء التغذية، وقلة النظافة وانتشار الحشرات والتلوث، مع انعدام التهوية والإضاءة.
ولفتت المنظمة إلى أنه بوفاة الشامي وصبحي يرتفع عدد المعتقلين المصريين المتوفين -في عهد النظام الحالي- داخل مقار الاحتجاز إما بالإهمال الطبي وسوء أوضاع الاحتجاز أو التعذيب إلى 866 معتقلاً، منهم 80 خلال عام 2020.
وحذرت المنظمة مع انتشار موجة ثانية لفيروس كورونا الكارثي، وظهور ثلاث سلالات جديدة من الفيروس -بحسب تصريحات وزارة الصحة المصرية، من استمرار تعامل السلطات المصرية بهذه اللامبالاة مع أرواح المعتقلين الذين تفرض القوانين والمعاهدات الدولية على الحكومة مسؤولية علاجهم خاصة في أوقات الأوبئة.
وناشدت المنظمة المجتمع الدولي والهيئات الأممية ذات الصلة لإيلاء ملف المعتقلين المصريين أولوية قصوى والتدخل لإنقاذ حياتهم، محذرة من أن استمرار أوضاع الاحتجاز المصرية كما هي عليه سيؤدي إلى كارثة حقيقية داخل السجون قد تعصف بحياة عدد كبير من المعتقلين، الذين يلقون حتفهم بالفعل بصورة متصاعدة نتيجة عدة عوامل أبرزها الإهمال الطبي.