بتاريخ 22 يوليو 2025، تقدّمت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا بطلب إلى السيدة كايا كالاس، الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، دعت فيه إلى فرض عقوبات عاجلة بموجب نظام العقوبات العالمي لحقوق الإنسان، على المسؤولين في “مؤسسة غزة الإنسانية” (GHF) ومديري شركات الأمن الخاصة المتعاقدة معها، لمساهمتهم الفعالة في الإبادة الجماعية المستمرة عبر إنشاء مراكز توزيع مساعدات في جنوب قطاع غزة تبيّن أنها مجرد “مصائد للقتل” وإذلال للمدنيين.
وأضافت المنظمة أن الطلب ركّز بصورة خاصة على أعضاء مجلس الإدارة ومديري الشركات الأمنية المتعاقدة الذين يتحملون المسؤولية المباشرة والكاملة عن كافة الجرائم المرتكبة منذ 27 مايو 2025 وحتى الآن، سواء داخل مراكز توزيع المساعدات أو في محيطها، وقد شمل الطلب أسماء ستة أفراد بصفتهم المخططين والمنفذين والمشرفين على هذا النموذج، وهم: جونـي مور الابن – المدير التنفيذي للمؤسسة (الولايات المتحدة)، ديفيد بابازيان – رئيس مجلس الإدارة (أرمينيا) وهو على علاقة وثيقة بدولة الإمارات، لولِك هندرسون – عضو مجلس الإدارة (الولايات المتحدة)، ديفيد كولر – عضو مجلس الإدارة (سويسرا)، جيمسون غوفوني – المدير التنفيذي لشركة UG Solutions الأمنية المتعاقدة مع المؤسسة (الولايات المتحدة)، فيليب رايلي – المدير التنفيذي لشركة Safe Reach Solutions الأمنية (الولايات المتحدة).
وبيّنت المنظمة أن ما يسمى بمراكز المساعدات صُمّمت لتكون مصائد للموت، فمنذ بداية عملها قُتل ما لا يقل عن 1000 مدنيًا وجُرح أكثر من 6781 آخرين بإطلاق الرصاص الحي على جموع طالبي المساعدات المنهكين، الذين يصطفون في ما يشبه قناة تمتد لكيلومترات، تُخنق فيها الحركة ولا يُتاح للناس سوى السير في اتجاه واحد دون القدرة على التراجع أو الاحتماء.
وشدّدت المنظمة على أن الأشخاص المستهدفين في الطلب يُعتبرون مسؤولين عن تفشّي المجاعة في قطاع غزة، عبر تمكين الاحتلال من استخدام الغذاء كسلاح، من خلال حصر توزيع المساعدات في مراكز محددة وإنهاء دور أجهزة الأمم المتحدة المتخصصة، مما تسبب في وفاة 113 مدنيًا على الأقل، بينهم 80 طفلًا، فضلًا عن الآلاف الذين يواجهون خطر الموت جوعًا. وقد مارس هؤلاء الأفراد صلاحيات تنفيذية واستراتيجية كاملة، وأشرفوا على التخطيط والتنسيق والتنفيذ الميداني لهذا النموذج القمعي، رغم علمهم المسبق بنتائجه الدموية، ورغم التحذيرات الدولية المتكررة.
وأوضحت المنظمة في طلبها أن هذه الانتهاكات لم تكن عرضية أو معزولة، بل كانت ثمرة مباشرة لتصميم وتنفيذ نموذج توزيع مساعدات عسكري الطابع، ووصفت شهادات بعض العاملين السابقين في النظام الأمني التابع للمؤسسة الواقع الميداني بأنه فوضى مرعبة تُدار بمنطق القوة والعقوبة الجماعية، بعيدًا عن أي معيار إنساني أو مهني.
وبيّن الطلب أن تأسيس هذه المؤسسة لم يكن نابعًا من حاجة إنسانية، بل جاء ضمن استراتيجية واضحة تهدف إلى تقويض دور الأمم المتحدة ووكالاتها الإغاثية، واستبداله بنظام خاضع لسلطة الاحتلال الإسرائيلي ومدعوم أمنيًا واقتصاديًا من الولايات المتحدة وأطراف إقليمية، وقد تحولت هذه المؤسسة إلى أداة تنفّذ من خلالها سياسة القتل والتجويع المتعمد، وربط المساعدات بالشروط العسكرية والسياسية، في خرق صارخ لمبادئ الحياد والاستقلال والكرامة التي تشكل أساس العمل الإنساني.
وتضمّن الطلب ملفًا قانونيًا شاملًا مدعومًا بالأدلة، يشمل تقارير أممية وصحفية، وشهادات من جنود وموظفين سابقين في المؤسسة، وصورًا أقمار صناعية لهيكل مراكز التوزيع التي شُيّدت ضمن “مناطق عازلة” تابعة لجيش الاحتلال، مما يعكس طبيعتها العسكرية لا الإنسانية، إلى جانب بيانات توثق تورط مسؤولي الشركات الأمنية في استخدام القوة المميتة، وإخضاع المدنيين لنظام إذلال ممنهج.
وأكدت المنظمة أن استمرار الاتحاد الأوروبي في تجاهل هذه الجرائم يتسبب يوميًا في سقوط المزيد من الضحايا، وهو أحد الأسباب الرئيسة في تغوّل حكومة الاحتلال وعدم اكتراثها بالمناشدات الدولية المطالبة بوقف العدوان، وفتح المعابر، وإدخال الغذاء والدواء.
وأشارت المنظمة إلى أن الاتحاد الأوروبي يُعد من الكيانات الداعمة للاحتلال وجرائمه، ويرتبط معه بشراكات وعقود أمنية وعسكرية واقتصادية. ومؤخرًا، تم تجديد عقد الشراكة الثنائي، رغم النداءات المطالبة بإلغائه وفرض حظر على تصدير الأسلحة. إلا أن هذه المطالب العادلة تجاهلها مجلس وزراء الاتحاد الأوروبي، وبقي على موقفه المشين الداعم للاحتلال، ولذر الرماد في العيون تصدر عن بعض المسؤولين الأوروبيين بيانات وتصريحات خجولة لا ترقى إلى مستوى الجرائم المرتكبة.
وطالبت المنظمة أعضاء البرلمان الأوروبي بممارسة الضغط على مجلس وزراء الاتحاد من أجل اتخاذ قرارات عملية وحاسمة تُنهي حالة تورط الاتحاد في الجرائم المرتكبة، وتُرتقي إلى مستوى حجم الفظائع المستمرة، فلا يمكن الاستمرار في إصدار بيانات وتصريحات باهتة، بينما يتدفق الدعم بكافة أشكاله لحكومة الاحتلال.
ونوّهت المنظمة أنها تقدّمت في الأسابيع الماضية بطلبات مختلفة إلى عدة جهات دولية، لإخضاع مسؤولي المؤسسة للمساءلة القانونية، كما قدّمت طلبًا إلى وزارة الخارجية البريطانية تطالب فيه بفرض عقوبات على المسؤولين في المؤسسة، وذلك استنادًا إلى ذات النظام القانوني المتمثل في قانون العقوبات العالمية لحقوق الإنسان لعام 2020. تأكيدًا على أن هؤلاء المسؤولين يجب ألّا يفلتوا من العقاب، وأنه لا بد من مساءلتهم لمشاركتهم في إنتاج منظومة إجرامية تفتك بالسكان المدنيين.