في ظل تصاعد حرب الإبادة على قطاع غزة وتدهور الأوضاع الإنسانية، تبرز مأساة الأطفال الذين يدفعون الثمن الأكبر لهذا التصعيد العسكري.
فبين القصف العشوائي، ونقص الغذاء والدواء، وغياب أدنى مقومات الحياة، يجد الأطفال أنفسهم في قلب كارثة إنسانية غير مسبوقة، فيما دقت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، دقت ناقوس الخطر بشأن الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال الفلسطينيون، محذرة من أن استمرار هذه الجرائم دون محاسبة يهدد مستقبل جيل بأكمله.
ونوهت يونيسف إلى أن الأوضاع في غزة تتفاقم بشكل كارثي، حيث قُتل 322 طفلاً وأصيب 609 آخرون خلال 10 أيام فقط، نتيجة “القصف العنيف والعمليات البرية” التي ينفذها الاحتلال الإسرائيلي منذ خرقه وقف إطلاق النار في 18 مارس/ آذار الماضي.
ووفق بيان صادر عن المديرة التنفيذية لليونيسف، كاثرين راسل، فإن “القصف المكثف والعشوائي، إلى جانب التوقف الكامل للمساعدات الإنسانية، وضع المدنيين في غزة، وخاصة الأطفال، في خطر شديد”، مشيرةً إلى أن أكثر من 100 طفل يُقتلون أو يُصابون يومياً بفعل هذا العدوان المستمر.
وأضافت راسل أن الأطفال في غزة أُجبروا على العودة إلى دائرة مميتة من العنف بعد انهيار وقف إطلاق النار، داعية جميع الأطراف إلى الالتزام بالقانون الإنساني الدولي لحماية المدنيين.
وأكدت أن مليون طفل نزحوا من منازلهم، ويعيش معظمهم في خيام مؤقتة أو مبانٍ مدمرة، محرومين من أبسط الاحتياجات الأساسية.
ووفقاً للقانون الدولي الإنساني؛ فإن استهداف الأطفال والمدنيين يشكل انتهاكاً خطيراً لاتفاقيات جنيف، التي تحظر الهجمات العشوائية أو غير المتناسبة التي تؤدي إلى قتل المدنيين، لا سيما الفئات الأكثر ضعفاً مثل الأطفال.
كما يُصنّف استهداف المدارس والملاجئ والمناطق السكنية التي تأوي النازحين جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
وتؤكد تقارير الأمم المتحدة أن الاحتلال الإسرائيلي انتهك بشكل متكرر هذه القواعد من خلال استهدافه المباشر للأطفال، فضلاً عن حصاره الخانق الذي يعيق وصول المساعدات الإنسانية الأساسية.
وتأتي هذه الأرقام الجديدة في ظل استمرار حرب الإبادة الشاملة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي خلفت أكثر من 164 ألف قتيل وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.
ومنذ استئناف الاحتلال حربه بعد خرقه وقف إطلاق النار، قُتل 1001 فلسطيني وأصيب 2359 آخرون حتى ظهر الاثنين، فيما يعاني القطاع من توقف كامل لدخول المساعدات الإنسانية، ما يزيد من تفاقم أزمة الغذاء والدواء وانتشار الأمراض.
وفي ظل هذا التصعيد المستمر؛ يواجه المجتمع الدولي اختباراً أخلاقياً وقانونياً فيما يتعلق بمحاسبة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه بحق الأطفال الفلسطينيين، وسط دعوات متزايدة لفتح تحقيقات دولية وإحالة المسؤولين عن هذه الجرائم إلى العدالة.