في مشهد جديد من انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة بحق الناشطين الدوليين والفلسطينيين؛ كشف الصحفي المغربي يونس آيت ياسين، أحد المشاركين في “أسطول الصمود العالمي لكسر الحصار عن غزة”، عن تعرضه ومجموعة من النشطاء لاعتداءات لفظية وجسدية ونفسية خلال فترة احتجازهم في سجون الاحتلال، بعد اختطافهم في عرض البحر أثناء إبحارهم نحو غزة لإيصال المساعدات لسكانها.
وجاءت تصريحات ياسين عقب عودته إلى المغرب، رفقة ناشطين مغربيين آخرين أُفرج عنهم بعد احتجاز قاسٍ في سجن كتسيعوت بصحراء النقب.
وبحسب الشهادات؛ فقد اعترضت قوات الاحتلال الأسطول في المياه الدولية مساء الأربعاء، واستولت على 42 سفينة كانت تحمل ناشطين إنسانيين من جنسيات مختلفة، في انتهاك صارخ للقانون الدولي البحري الذي يحظر أي عمل عدواني خارج المياه الإقليمية للدول.
واقتادت قوات الاحتلال مئات النشطاء إلى سجن كتسيعوت العسكري، حيث وُضعوا في ظروف احتجاز وصفت بأنها مهينة وقاسية، تخللتها إهانات واعتداءات بدنية، وحرمان من التواصل مع العالم الخارجي، ما يمثل خرقاً واضحاً لأبسط معايير اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بمعاملة المدنيين أثناء النزاعات المسلحة.
وقال الصحفي المغربي آيت ياسين في تصريحات إعلامية، إن التجربة كانت “لا مثيل لها”، مؤكداً أنهم “ذاقوا المعاناة بعد اختطافهم في المياه الدولية من طرف الاحتلال الإسرائيلي”، ومشيراً إلى أنهم عاشوا “انتهاكات وامتهاناً للكرامة الإنسانية”، في وقت صمتت فيه المؤسسات الدولية عن هذه الاعتداءات المتعمدة بحق ناشطين سلميين.
ولم تكتفِ سلطات الاحتلال بالاعتداء على النشطاء، بل عمدت إلى التفاخر علناً بما جرى. فقد أعلن ما يسمى بـ”وزير الأمن القومي” اليميني المتطرف إيتمار بن غفير أنه زار سجن كتسيعوت بعد الهجوم على الأسطول، قائلاً إنه دخل الزنازين بنفسه “للتأكد من أنهم لا يحظون بأي امتيازات”، مضيفاً بوقاحة: “من يقترب من إسرائيل ليؤيد الإرهاب يجب أن يشعر جيداً بظروف السجن”.
ويُظهر هذا التصريح بوضوح النية الانتقامية المعلنة من قبل مسؤول رسمي في حكومة الاحتلال، ما يعزز الطبيعة السياسية والعدائية للاعتقالات، ويحوّلها من إجراء أمني إلى عمل عقابي جماعي يخالف القوانين الدولية الخاصة بحماية المدنيين والأسرى.
ويُعدّ الهجوم على “أسطول الصمود” جريمة حرب مكتملة الأركان، إذ تم في المياه الدولية ضد سفن تحمل طابعاً مدنياً وإنسانياً، ما يشكل انتهاكاً صريحاً لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982، التي تضمن حرية الملاحة وتحظر اعتراض السفن المدنية.
كما أن الاعتداء الجسدي والنفسي على النشطاء، وحرمانهم من الاتصال بمحاميهم أو ممثلي دولهم، يندرج تحت جرائم التعذيب والمعاملة القاسية المنصوص عليها في القانون الدولي لحقوق الإنسان.
ويأتي هذا الاعتداء في سياق أوسع من الإبادة الجماعية التي ينفذها الاحتلال في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي خلّفت حتى اليوم 67,139 قتيلاً و169,583 جريحاً، معظمهم من النساء والأطفال، إلى جانب مجاعة أودت بحياة 460 فلسطينياً بينهم 154 طفلاً.