لليوم الثاني على التوالي؛ يواصل الاحتلال الإسرائيلي، إلى جانب مجموعات من المستوطنين، اعتداءات مكثفة على قرى وبلدات محافظة سلفيت، في تصعيد يعتبر من أخطر ما شهدته المنطقة خلال الأشهر الماضية.
وطالت الاعتداءات المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم، وترافقت مع انتشار واسع لقوات الاحتلال، واقتحامات، واعتقالات، وإغلاق طرق، ما يعكس تنفيذ سياسة عقاب جماعي تهدف إلى الضغط على السكان ودفعهم نحو الرحيل.
وفي بلدة ديراستيا؛ أقدم مستوطنون على إلقاء زجاجة حارقة نحو منزل المواطن ياسر حاتم أبو زيد، الذي تقطنه عائلة مكوّنة من 13 فرداً، بينهم أطفال ونساء. وكاد الهجوم أن يتسبب بكارثة إنسانية، لولا تدخل السكان، بينما لم تُسجّل أي ملاحقة للمعتدين.
وعقب الحادثة؛ انتشرت أعداد كبيرة من جيش وشرطة الاحتلال حول المنزل، لكنها لم تقم بحماية العائلة أو التحقيق مع المستوطنين، ما يُظهر تواطؤاً مفضوحاً مع أعمال العنف.
وفي سياق متصل؛ أضرم مستوطنون النار في أكثر من 14 مركبة فلسطينية قرب المنطقة الصناعية التابعة لمستوطنة “أرئيل”، ضمن سلسلة ممنهجة من الهجمات التي تستهدف الممتلكات الفلسطينية بشكل يومي.
كما اقتحمت قوات الاحتلال بلدة كفر الديك غرب سلفيت، ونفذت عمليات دهم وتفتيش طالت عدداً من المنازل، وأسفرت عن اعتقال عدد من المواطنين، من بينهم: صالح خضر حميدان، وأحمد مازن علي أحمد، ومازن نائل علي أحمد، وعمر هاشم راتب علي أحمد.
إلى جانب ذلك؛ تشهد المحافظة إغلاقات متكررة للطرق، وتجريفاً للأراضي الزراعية، وحصاراً متواصلاً للبلدات، في سياق يهدف إلى تقويض الحياة اليومية، وتهيئة الأرض لتوسيع رقعة الاستيطان في المنطقة.
وتشكل هذه الممارسات انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، خصوصاً اتفاقية جنيف الرابعة، التي تُحرم العقاب الجماعي، وتُلزم قوة الاحتلال بحماية المدنيين الواقعين تحت سلطتها، بما يشمل منع اعتداءات المستوطنين.
وفي المقابل؛ تعمل سلطات الاحتلال على توفير الحماية للمستوطنين، والتغطية على جرائمهم، ما يجعلها شريكة في تلك الانتهاكات، إن لم تكن المحرك الرئيسي لها.
وفي ظل غياب الحماية الدولية، وتخاذل المؤسسات الأممية، تُترك سلفيت وأهلها في مواجهة آلة استيطانية لا تتوقف. وما لم يتحرك العالم لفرض المحاسبة، فإن نموذج سلفيت سيتكرر في قرى الضفة كافة، بصمتٍ دولي يُغري القاتل ويخنق الضحية.