يحيي العالم في التاسع عشر من أغسطس/آب اليوم العالمي للعمل الإنساني، لكن هذه المناسبة تأتي هذا العام مثقلة بجراح عميقة من غزة، حيث تحولت أرضها إلى ساحة إبادة جماعية متواصلة على يد الاحتلال منذ أكثر من 22 شهراً.
وفي قلب هذه المأساة، دفع المئات من العاملين في المجال الإنساني حياتهم ثمناً لشجاعتهم وتفانيهم في خدمة المنكوبين.
وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، في مؤتمر صحفي بمقر المنظمة الدولية في نيويورك، إن عام 2024 شهد مقتل ما لا يقل عن 390 عاملاً إنسانياً أثناء تأدية واجبهم في مختلف أنحاء العالم، بينهم 181 قتيلاً في قطاع غزة وحده.
وأكد أن الاعتداءات على فرق الإغاثة لم تعد استثناءً، بل باتت “أمراً روتينياً” في زمن تتقاطع فيه الكوارث مع العجز الدولي عن حماية من يمدّون يد العون للضحايا.
وفي غزة؛ يواصل عمال الإغاثة الإنسانية أداء رسالتهم رغم أنهم يكافحون لإطعام أنفسهم وأسرهم، ويتصدّون للجوع والموت بصدور عارية، بينما يعيشون واقعاً لا يعرف سوى الخطر والقصف المستمر، ويخوضون معركة مزدوجة، تجمع بين إنقاذ الأرواح وسط المجازر، والصمود في وجه التجويع والحرمان.
وتعكس أرقام الضحايا فداحة الجريمة المستمرة، حيث سقط خلال حرب الإبادة المتواصلة 62,064 قتيلاً و156,573 مصاباً معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من تسعة آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، فضلاً عن المجاعة التي أزهقت أرواح 266 إنساناً، بينهم 112 طفلاً.
إن استمرار الاحتلال في استهداف المدنيين وعرقلة جهود الإغاثة، رغم النداءات الأممية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقف الإبادة، يكشف عن غياب الإرادة السياسية لدى القوى الفاعلة في العالم لإنهاء المأساة. وما لم يتحرك المجتمع الدولي لحماية المدنيين والعاملين الإنسانيين في غزة، فإن التاريخ سيسجل هذا الصمت كشريك في الجريمة.