قالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا إن استهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي الممنهج للصحفيين وأسرهم في قطاع غزة والضفة الغربية هو أكبر مقتلة بحق الصحفيين في التاريخ الحديث، وأحد محاولات الاحتلال لطمس الحقيقة وإرهاب كل من ينقلها للعالم، ليتسنى له استكمال جريمة إبادة الفلسطينيين دون توثيق لممارساته المروعة.
وأوضحت المنظمة بأن عدد الصحفيين الذين قتلوا في غزة منذ 7 من أكتوبر / تشرين الأول 2023، 122 صحفياً، وهو رقم مفزع حيث يفوق عدد الصحفيين الذين قتلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي في أي من الحروب التي شنتها ضد غزة أو أي مكان آخر، كما يفوق عدد الصحفيين الذين قُتلوا في الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، والذين كان عددهم 69، فيما قُتل 63 صحفيًا خلال 20 عامًا في حرب فيتنام (1955-1975)، و17 صحفيًا خلال الحرب الكورية (1950-1953).
وأضافت المنظمة أن استهداف إسرائيل للصحفيين في الفترة الماضية لم يقتصر على قطاع غزّة فحسب، بل شمل كافة الصحفيين الفلسطينيين في مناطق الضفة الغربية أو حتى في جنوب لبنان، كما تعدّى الاستهداف إلى عوائل الصحفيين وذويهم بطرق مختلفة تنوعت بين التهديد والاعتقال والاستهداف المباشر لمقار سكنهم.
على سبيل المثال لا الحصر، في 13 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي منزل المصور الصحفي بوكالة الأناضول علي جاد الله في غزة، فقد على إثرها 8 من أفراد أسرته بمن فيهم والده وإخوته، وفي 23 أكتوبر/تشرين الأول نفذت قوات الاحتلال هجومًا جويًا استهدف منزل تابع لعائلة مدير مكتب الجزيرة في غزة وائل الدحدوح، راح ضحيته زوجته وابنه وابنته وحفيده البالغ من العمر 18 شهرا جراء هجوم نفذه الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة، كما فقد الصحفي وائل الدحدوح نجله الأكبر حمزة، وهو صحفي أيضًا، والذي قُتل أثناء تأدية عمله رفقة زميله مصطفى ثريا نتيجة قصف إسرائيلي في السابع من يناير/كانون الثاني 2024.
وفي 1 من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي قتل مراسل التلفزيون الفلسطيني محمد أبو حطب و11 فردا من عائلته في قصف استهدف منزلًا في مدينة خانيونس، وفي 5 نوفمبر/تشرين فقد مصور وكالة الأناضول الإخبارية محمد العالول أبنائه الأربعة، وثلاثة من إخوته في قصف إسرائيلي، وفي 13 نوفمبر/تشرين الثاني فقد المصور الصحفي ياسر قديح 8 من أفراد عائلته نتيجة إلقاء أربع مقذوفات تجاه الجزء الخلفي من منزله.
وفي 06 ديسمبر/كانون الأول قُتل 22 فردا من عائلة الصحفي الفلسطيني مراسل قناة الجزيرة مؤمن الشرافي نتيجة قصف إسرائيلي على القطاع، من بينهم والده ووالدته، وفي 11 ديسمبر/كانون الأول قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي منزل عائلة الصحفي في قناة الجزيرة أنس الشريف في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، ما أدى لمقتل والده البالغ من العمر 65 عامًا، اللافت للنظر أن هذا القصف جاء بعد تهديدات تلقاها الشريف من قوات الاحتلال بالتوقف عن العمل الصحفي.
وفي 29 يناير/كانون الثاني قُتل الصحفي محمد عبد الفتاح عطا الله هو وزوجته وعدد من أفراد العائلة في استهداف إسرائيلي لمخيم الشاطئ، ومن الجدير بالذكر أن هذا الاستهداف ليس الأول لمنزل عائلة عطا الله، إذ سبقه قصف راح ضحيته شقيقته وزوجها وأولادها.
وأكدت المنظمة تعمّد القوات الإسرائيلية استهداف الصحفيين رغم التزامهم ببروتوكول الصحفيين وقت الحروب والنزاعات المسلحة بارتداء خوذ وملابس وشارات واضحة تحدد هويتهم، بل قد جرى استهداف معظمهم أثناء مزاولة عملهم مباشرة، والبعض الآخر خلال تواجدهم في منازلهم بعد تلقيهم تهديدات صريحة من قبل جيش الاحتلال، أو في خيمهم الصحفية التي وُضعت بالقرب من المستشفيات ليتمكنوا من نقل مجريات الأحداث.
وذكرت المنظمة أن قوات الاحتلال استهدفت بالقصف المباشر المؤسسات الإعلامية الموجودة في قطاع غزة، مثل صحيفة الأيام وإذاعة غزة ووكالة شهاب للأنباء، ووكالة معا الفلسطينية، ومكتب الوكالة الفرنسية والتلفزيون العربي وغيرها.
ودعت المنظمة إلى ضرورة التحرك على كافة المستويات لحماية الصحفيين وعوائلهم في كافة الأراضي المحتلة لضمان نقل ما يجري على الأرض من جرائم يرتكبها جيش الاحتلال والمستوطنين، وملاحقة ومحاسبة مرتكبي الجرائم بحق الصحفيين وعلى وجه الخصوص الجرائم الأخيرة التي ارتكبت في قطاع غزة.