قالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا إن المجتمع الدولي فشل مجددًا في الضغط على دولة الاحتلال للجم جماح حرب إبادة مكتملة الأركان تهدف إلى تطهير غزة عرقيًا وتصفية القضية الفلسطينية من خلال إيقاع أكبر عدد من الضحايا المدنيين والدفع باتجاه هجرة قسرية من القطاع.
وأضافت المنظمة أن استئناف دولة الاحتلال أمس الجمعة حرب الإبادة ضد المدنيين في قطاع غزة المحاصر، تسبب في يومه الأول في مقتل 178 مدنيًا وإصابة أكثر من 700 آخرين ومواصلة تدمير البنية التحتية ومنازل المدنيين فيما تبقى من القطاع، ليواصل عداد الضحايا من المدنيين الارتفاع، وذلك بعد أسبوع واحد من هدنة إنسانية هزيلة.
قبل تثبيت الهدنة الإنسانية وطوال 48 يومًا من القصف المتواصل، قُتل أكثر من 16,000 مدني فلسطيني أغلبهم من النساء والأطفال، وجرح أكثر من 37,000 مدنيًا، بالإضافة إلى تشريد حوالي77% من سكان القطاع، لكن كل ذلك لم يكن سببًا كافيًا للمجتمع الدولي لوقف حرب الإبادة بشكل كامل وإنقاذ أكثر من مليوني إنسان من مصير مظلم.
وأضافت المنظمة أن استئناف العدوان ضد سكان القطاع المثخنين بالجراح يأتي في ظل شح المواد الغذائية والوقود، فما تم إدخاله خلال أيام الهدنة لم يكن كافيًا في حدوده الدنيا، كما أن المنظومة الصحية تعاني من انهيار شبه كامل، إذ لم تصل الإمدادات الطبية اللازمة في ظل المراقبة المشددة التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي على هذه الإمدادات التي تدخل من معبر رفح .
كما يأتي في ظل مناشدات من قبل الطواقم الطبية وعمال الإغاثة بضرورة توفير المساعدات بهدف إنقاذ النظام الصحي بعد إعلان وزارة الصحة الفلسطينية عن انهياره بسبب الحصار والاستهداف الإسرائيلي المتواصل، وبهدف انتشال جثث آلاف الضحايا الذين لا زالوا عالقين تحت الأنقاض خاصة في الجزء الشمالي من قطاع غزة، ولا يزال عدم توفر الآليات اللازمة يحول دون انتشالها.
وأكدت المنظمة أنه رغم أن الهدنة الإنسانية التي امتدت طوال أسبوع واحد وكانت بمثابة فرصة للتوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار، إلا أن المجتمع الدولي تعامى مجددًا وغض الطرف عن جرائم الحرب والمجازر التي مارسها جيش الاحتلال طوال أيام ما قبل الهدنة، ولم تتحرك مؤسساته بأي صورة فاعلة قد تصل لمحاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين، وكنتاج طبيعي استأنف الاحتلال مجازره في اليوم الأول بعد انهيار الهدنة.
كما انتقدت المنظمة استمرار الحصار على قطاع غزة من الجانب المصري رغم أن الهدنة شكلت فرصة مواتية لكسره، إلا أن النظام ظل منصاعًا لإرادة دولة الاحتلال وداعميها وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، واستمر في خنق سكان القطاع ومضاعفة الأوضاع الإنسانية الكارثية.
إن ازدواجية المعايير الصارخة التي تمارسها دول غربية والخرس الرسمي في مواجهة جرائم الإبادة الجماعية الإسرائيلية وتعزيز الإفلات التام من العقاب لقادة الاحتلال، هي أسباب مباشرة في غطرسة الاحتلال وإقدامه على إنهاء الهدنة الإنسانية ليستمر في مخططاته القاسية بقتل أكبر عدد من السكان وتهجير البقية الباقية.
وبينما تخرج بعض تصريحات المسؤولين الغربيين نتاج الضغط الشعبي داعية إلى ضرورة إيقاف قتل المدنيين، فإن الموقف الرسمي ظل محجمًا حتى عن المطالبة بوقف إطلاق للنار بشكل كامل، كما تستمر شحنات الأسلحة والصفقات العسكرية بين هذه الدول ودولة الاحتلال.
وناشدت المنظمة المجتمع الحقوقي والمدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء حول العالم الضغط على حكوماتهم من أجل إلزام الاحتلال بوقف حرب الإبادة وإيجاد آلية فعالة لمحاسبة قادة الاحتلال على الجرائم التي ارتكبوها.
كما حثت المنظمة على ضرورة ممارسة النظام المصري دوره في الإشراف على معبر رفح الحدودي والتعجيل في إخلاء الجرحى والكف عن السماح لقوات الاحتلال الإسرائيلي بانتهاك السيادة المصرية من خلال التحكم بالمعبر، إذ لم يخرج عبر المعبر للعلاج خارج القطاع إلا عدد ضئيل من بين عشرات آلاف الجرحى، وسجلت شهادات عديدة عن موت عدد من الجرحى أثناء الانتظار على المعبر. وقد قدرت الأمم المتحدة أن السلطات المصرية سمحت بخروج 131 جريحًا فقط، من بين عشرات آلاف الجرحى، في الفترة بين 2 و9 من نوفمبر/تشرين الثاني الفائت.
وفي ذات السياق مُنعت الفرق الطبية من الدخول لتخفيف المعاناة التي يعيشها الجرحى، ولم يسمح إلا بإقامة مستشفيين ميدانيين في جنوب قطاع غزة، في حين تظل مناطق وسط القطاع وشماله بحاجة ملحة لفرق ومساعدات طبية عاجلة في ظل ازدياد أعداد الضحيات بسبب نقص الرعاية الطبية.
وجددت المنظمة دعوتها أنظمة الدول العربية والإسلامية بالتوقف عن دور المتفرج على ما يحدث من مجازر والاستجابة لمطالبات الشعوب بقطع كافة العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي، والعمل بشكل جماعي لإيقاف حرب الإبادة ضد المدنيين في غزة.