في جريمة جديدة تضاف إلى سجل طويل من الانتهاكات بحق المدنيين الفلسطينيين؛ قُتل فجر الأربعاء المواطن الفلسطيني جاسم السدة، بعد أن أطلقت قوات الاحتلال النار عليه خلال اقتحام منزله في بلدة جيت شرقي قلقيلية شمالي الضفة الغربية المحتلة.
وأفادت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أن طواقمها تسلّمت جثمان القتيل من جنود الاحتلال عند مدخل البلدة، دون تقديم أي معلومات حول ظروف الجريمة.
ووفق مصادر محلية؛ أطلقت قوات الاحتلال الرصاص الحي على السدة أثناء اقتحام منزله، قبل أن تقوم باعتقاله، ليُعلن لاحقًا عن مقتله.
وتأتي هذه الحادثة في سياق سياسة القتل العشوائي والتصفية الميدانية التي تمارسها قوات الاحتلال بشكل متزايد في الضفة الغربية، بالتوازي مع الحرب المفتوحة التي تُشنّ على قطاع غزة.
وباتت عمليات الاقتحام الليلية والقتل دون محاكمة أو تحقيق أو حتى تهمة معلنة، سلوكًا روتينيًا لقوات الاحتلال، في خرق سافر لكل المبادئ القانونية والإنسانية.
ومنذ بدء العدوان الشامل على الشعب الفلسطيني في أكتوبر 2023، ارتفع عدد القتلى في الضفة الغربية إلى ما لا يقل عن 972 فلسطينيًا، إضافة إلى نحو 7 آلاف جريح، وأكثر من 17 ألف معتقل، في حملة قمع غير مسبوقة تهدف إلى سحق أي شكل من أشكال المقاومة المدنية أو الشعبية.
وتحولت الضفة الغربية، التي يفترض أنها تحت سلطة حكم ذاتي محدود بموجب اتفاقيات أوسلو، إلى مسرح دائم للقتل خارج القانون، والاعتقالات التعسفية، ومداهمات المنازل، وترويع السكان، في ظل غياب شبه تام للمحاسبة الدولية.
ولا تنفصل سياسة الاحتلال في الضفة عن الإطار الأشمل للعدوان المستمر على الشعب الفلسطيني، الذي اتخذ شكل حرب إبادة جماعية في قطاع غزة، حيث تجاوز عدد القتلى والجرحى 177 ألفًا، معظمهم من الأطفال والنساء، مع أكثر من 11 ألف مفقود، وأزمات إنسانية خانقة تمثلت في النزوح الجماعي، والمجاعة، وتدمير المنظومة الصحية والخدمية بالكامل.
وفي غياب أي مساءلة أو رادع دولي حقيقي؛ تستمر هذه الجرائم بحق شعب أعزل تُنتهك كرامته وحقوقه الأساسية على مرأى ومسمع من العالم.
إن التواطؤ الدولي، سواء بالصمت أو بالدعم السياسي والعسكري، يُسهم في ترسيخ واقع الإبادة، ويفضح ازدواجية المعايير التي تطال حتى القيم الإنسانية نفسها، ما يستدعي ليس فقط الشجب، بل التحرك العاجل لوضع حد لهذا النزيف المتواصل، وضمان العدالة والمحاسبة.