في مشهد مأساوي يعكس تدهوراً إنسانياً غير مسبوق؛ يتعرض المدنيون الفلسطينيون في قطاع غزة لإطلاق النار أثناء محاولاتهم الوصول إلى شاحنات المساعدات الغذائية، في ظل تفاقم المجاعة واستمرار الحصار الكامل.
وفي هذا السياق؛ أكد المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، الثلاثاء، أن “المدنيين في غزة لا يزالون يُستهدفون بالرصاص أثناء اقترابهم من مستودعات وشاحنات المساعدات”، لافتاً إلى أن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) حذّر من أن “آخر شرايين الحياة التي تُبقي الناس على قيد الحياة في غزة تنهار بسرعة”.
ورغم أن دوجاريك لم يسمِ الجهة التي تطلق النار؛ فإن بيانات رسمية سابقة من المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أشارت إلى أن قوات الاحتلال قتلت نحو 995 فلسطينياً، وأصابت أكثر من 6000 آخرين، منذ أواخر مايو/أيار، خلال هجمات على المدنيين الذين يصطفون لتلقي الغذاء.
وخلال الـ24 ساعة الماضية فقط، قضى أكثر من 15 فلسطينياً، بينهم 4 أطفال، جراء الجوع، بحسب وزارة الصحة في غزة. وبذلك ترتفع حصيلة القتلى نتيجة المجاعة وسوء التغذية منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى 101، بينهم 80 طفلاً.
وتعيش غزة أكثر من 140 يوماً من الإغلاق الكامل للمعابر، ما يعني حرماناً مطلقاً من الغذاء والدواء والماء النظيف.
وفي ظل هذه الظروف؛ وصف المكتب الإعلامي الحكومي الوضع بأن القطاع بات “على أعتاب الموت الجماعي”، في ظل تعمد الاحتلال عرقلة دخول المساعدات، بل وتوزيعها خارج إشراف الأمم المتحدة، كما حدث منذ 27 مايو، حين تبنت تل أبيب وواشنطن خطة لتوزيع محدود للمساعدات الإنسانية، فاقمت من مأساة السكان، وأعطت غطاءً للعنف ضد المدنيين.
ويُشكل استهداف المدنيين أثناء محاولتهم الوصول إلى الغذاء انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، وتحديداً لاتفاقيات جنيف التي تحظر مهاجمة من لا يشاركون في الأعمال العدائية، وتفرض على قوة الاحتلال ضمان الإمداد المنتظم للغذاء والدواء. إلا أن الاحتلال لا يكتفي بحرمان السكان من الغذاء، بل يردي الجوعى قتلى على الحواجز أو عند مستودعات الإغاثة.
ومع عجز العالم عن وقف هذه الكارثة، أو حتى ضمان توزيع الغذاء دون إطلاق النار، يبقى الفلسطينيون في غزة محاصرين بين الجوع والرصاص، في واحدة من أكثر الفصول دموية في التاريخ الإنساني الحديث.