منذ ما يقارب العامين؛ يعيش قطاع غزة تحت وطأة حرب إبادة جماعية تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي، في عدوان متواصل لم يستثنِ أي فئة من فئات المجتمع الفلسطيني، وسط صمت دولي مريب، وتواطؤ سياسي مكشوف، جعل من غزة ساحة مفتوحة للدمار والانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان.
وفي هذا السياق؛ لم يكن الرياضيون الفلسطينيون بمنأى عن الاستهداف، بل كانوا هدفاً مباشراً ضمن سياسة متعمدة تسعى إلى تفريغ المجتمع الفلسطيني من طاقاته الحية، وضرب مقوماته الاجتماعية والثقافية.
فقد أعلنت جهات رياضية محلية أن 662 رياضياً فلسطينياً لقوا حتفهم منذ بداية العدوان، في جرائم قتل ممنهجة طالت الرياضيين والمنشآت الرياضية على حد سواء.
وبحسب معطيات الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، فإن من بين القتلى 321 رياضياً ينتمون للاتحاد، بينهم لاعبون ومدربون وإداريون وحكام وأعضاء مجالس إدارات أندية، إضافة إلى رياضيين من ألعاب أخرى.
كما وثّق الاتحاد تدمير 264 منشأة رياضية، منها 184 دُمّرت بشكل كامل، والباقي تعرض لأضرار جسيمة، مما يعكس استهدافاً واضحاً للبنية التحتية الرياضية في القطاع، في انتهاك صارخ للحق في الحياة والحق في التنمية والمشاركة الثقافية والرياضية المكفولة بموجب المواثيق الدولية.
وكان آخر من طالهم رصاص الاحتلال؛ اللاعب الدولي الفلسطيني السابق سليمان العبيد (41 عاماً)، أحد أبرز نجوم كرة القدم الفلسطينية، الذي قُتل الأربعاء أثناء انتظاره المساعدات الإنسانية جنوب القطاع.
العبيد، الذي خاض 24 مباراة دولية مع المنتخب الفلسطيني وسجل أهدافاً لا تُنسى، بدأ مسيرته في نادي “خدمات الشاطئ”، ولعب لاحقاً في الضفة الغربية حيث توج بلقب دوري المحترفين مع نادي “مركز الأمعري”. وعلى مدار سنوات، سجّل أكثر من 100 هدف، واعتُبر رمزاً رياضياً في فلسطين.
وقبل العبيد؛ قتل اللاعب مهند اللي، نجم نادي خدمات المغازي، بعد قصف استهدف منزله وسط القطاع. كما قُتل اللاعب حمدان عماد (22 عاماً) من نادي شباب رفح، بعد أن استهدفته طائرة مُسيّرة إسرائيلية بقنبلة مباشرة. وفي ديسمبر 2023، قُتل اللاعبان الشقيقان محمد ومحمود خليفة إثر استهداف منزلهما في مخيم النصيرات.
وعلى مستوى أوسع، يعاني سكان غزة كارثة إنسانية متكاملة الأركان، حيث تعيش أكثر من 288 ألف أسرة بلا مأوى، وما يفوق مليوني نازح يتوزعون في الخيام والمدارس والشوارع، في ظروف تنعدم فيها مقومات الحياة، حيث لا مياه نظيفة، ولا صرف صحي، ولا غذاء، ولا دواء، والمجاعة تفشت وأزهقت أرواحاً كثيرة، بينهم عشرات الأطفال.
وتشير الإحصاءات الرسمية الصادرة من الجهات المحلية، إلى 61,258 قتيلاً، و152,045 جريحاً، إضافة إلى أكثر من 9,000 مفقود، في حين يقف المجتمع الدولي موقف المتفرج أو المتواطئ.
وفي ظل ما يتعرض له الرياضيون الفلسطينيون؛ يُصبح من الواجب التعامل مع هذه الجرائم كجزء من جريمة الإبادة الجماعية التي تستهدف شعباً كاملاً. فقتل الرياضيين، وتدمير منشآتهم، هو قتل للروح المدنية، ومحاولة لطمس كل ما يربط هذا الشعب بالحياة.