منذ ساعات الفجر الأولى اليوم الأربعاء؛ يواصل الاحتلال الإسرائيلي قصفه المكثّف على مختلف مناطق قطاع غزة، في مشهد يعكس استمرار سياسة الأرض المحروقة التي حوّلت حياة السكان المدنيين إلى سلسلة متواصلة من المآسي.
وبينما تتصاعد أعداد القتلى والجرحى يوماً بعد يوم؛ تتكرّس معالم الإبادة الجماعية التي تُرتكب بحق الشعب الفلسطيني، في ظل عجز دولي وصمت يثير القلق حول مستقبل القيم الإنسانية والقانون الدولي.
فقد أسفر القصف المتواصل منذ فجر اليوم وحتى لحظة نشر هذا الخبر، عن مقتل 34 مدنياً فلسطينياً، بينهم 26 في مدينة غزة وحدها.
وأفادت مصادر طبية بمقتل 15 مدنياً وإصابة آخرين جراء استهداف الاحتلال خيام نازحين غربي مدينة غزة، فيما قضى أربعة آخرون في هجوم شنّته طائرة مسيّرة استهدفت مجموعة من النازحين وسط مدينة خان يونس.
كما قُتل مدني كان ينتظر المساعدات الإنسانية بنيران قوات الاحتلال في خان يونس، إضافة إلى مقتل شخص آخر وإصابة عدد من المدنيين باستهداف برج طيبة 2 السكني المقابل لميناء غزة، حيث ما تزال فرق الإنقاذ تحاول إجلاء المصابين من تحت الركام وسط دمار واسع في المبنى ومحيطه.
وتأتي هذه الجرائم في سياق حرب الإبادة المستمرة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي أودت حتى الآن بحياة 64,656 فلسطينيين، وأصاب 163,503 آخرين بجروح، معظمهم من الأطفال والنساء، إلى جانب تهجير مئات آلاف المدنيين، وحرمانهم من أبسط مقومات الحياة، وصولاً إلى مجاعة متصاعدة حصدت أرواح 404 شخصاً بينهم 141 طفلاً.
وتشير الوقائع على الأرض إلى أن ما يجري في غزة يتجاوز حدود أي توصيف تقليدي للحروب، إذ تتعمد قوات الاحتلال استهداف المدنيين والنازحين والبنى التحتية المدنية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس والمخيمات، في انتهاك صارخ لاتفاقيات جنيف وللقانون الدولي الإنساني. وحتى الأمم المتحدة، في بياناتها المتكررة، حذّرت من أن المجاعة التي يعيشها القطاع تُعد سلاحاً ممنهجاً ضد السكان، ما يرقى إلى جريمة إبادة جماعية.
إن استمرار هذه الجرائم في ظل غياب المساءلة، يضع المجتمع الدولي أمام اختبار أخلاقي وقانوني غير مسبوق، ويؤكد أن ما يتعرض له الفلسطينيون في غزة ليس مجرد نزاع مسلح، بل سياسة منهجية تهدف إلى إفناء جماعي لشعب بأكمله، الأمر الذي يستوجب تحركاً عاجلاً يتجاوز حدود الإدانة اللفظية إلى إجراءات فعلية تضمن وقف الجرائم ومحاسبة مرتكبيها.