في تصعيد جديد لانتهاكاتها للقانون الدولي؛ يسعى الاحتلال الإسرائيلي إلى فرض وقائع جديدة في جنوب سوريا من خلال المطالبة بنزع سلاح الجيش السوري الجديد في المنطقة العازلة، في الوقت الذي تكشف فيه تقارير عن إقامة الاحتلال لقواعد عسكرية واستيطانية داخل الأراضي السورية، في خرق واضح لاتفاقيات دولية تحظر عسكرة هذه المناطق.
وقال رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، في تخريج دورة لـ”شرطة مقاتلين”، إن “إسرائيل ستطالب بنزع سلاح الجيش السوري في جنوب سوريا، ولن تتسامح مع أي تهديد للمجتمع الدرزي”، مشددًا على ضرورة “إخلاء المنطقة من أي وجود عسكري للنظام الجديد”.
بدوره؛ أكد وزير الحرب الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أن “إسرائيل لن تسمح بالتمركز والتواجد في المنطقة الأمنية جنوب سوريا، من هنا وحتى دمشق”، مضيفًا أن “إسرائيل ستعزز علاقاتها مع المجتمعات الصديقة في المنطقة، مع التركيز على المجتمع الدرزي”، في إشارة إلى سياسة الاحتلال القائمة على توظيف الأقليات في خدمة أجنداته العسكرية.
وتأتي هذه التصريحات بعد أيام من كشف صحيفة “واشنطن بوست” أن “إسرائيل” بدأت في بناء مواقع عسكرية واستيطانية في المنطقة العازلة جنوب سوريا، والتي يُفترض أن تكون منزوعة السلاح بموجب اتفاقية فض الاشتباك الموقعة عام 1974 بين سوريا و”إسرائيل” برعاية الأمم المتحدة.
ووفقًا لتحليل صور الأقمار الصناعية؛ فإن الاحتلال أقام قاعدتين عسكريتين جديدتين ويعمل على مشروع لقاعدة ثالثة، مما يشير إلى نية الاحتلال تثبيت وجود عسكري دائم في المنطقة، وهو ما يتناقض مع التزاماته الدولية.
وتُظهر الصور طريقًا جديدًا يمتد من خط الحدود إلى قمة تل بالقرب من قرية كودانا، مما يوفر نقطة مراقبة جديدة لقوات الاحتلال، بينما أنشأت “تل أبيب” قاعدة متطورة في جباتا الخشب، وهي منطقة كانت حتى وقت قريب تحت سيطرة الجيش السوري.
إلى جانب الانتهاكات العسكرية، يشير رئيس بلدية جباتا الخشب، محمد مريود، إلى أن قوات الاحتلال دمرت أشجار الفاكهة في المنطقة وجرفت أراضي زراعية، بما فيها أجزاء من محمية طبيعية، لبناء بؤرها الاستيطانية، مؤكدًا أن “ما تقوم به إسرائيل احتلال بكل المقاييس”.
وتعكس هذه الممارسات سياسة طويلة الأمد يعتمدها الاحتلال، تقوم على تغيير البنية الديموغرافية والميدانية للمنطقة بما يخدم مصالحه العسكرية، وهو ما يُعد انتهاكًا صارخًا لاتفاقيات جنيف التي تحظر الاستيلاء على أراضٍ بالقوة أو فرض تغييرات ديموغرافية في المناطق المحتلة.
وتعتبر الخطوات الإسرائيلية الأخيرة في جنوب سوريا استمرارا لسياسات الاحتلال القائمة على خرق القانون الدولي، حيث يُمنع بموجب اتفاق 1974 إنشاء أي وجود عسكري داخل المنطقة العازلة. كما أن عمليات بناء المستوطنات والقواعد العسكرية في الأراضي المحتلة تُعد انتهاكًا واضحًا لمبادئ القانون الدولي الإنساني، الذي يحظر مصادرة الأراضي المحتلة أو تغيير طابعها الديموغرافي.
ورغم هذه الانتهاكات؛ لا يزال المجتمع الدولي صامتًا إلى حد كبير حيال ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، في وقت يعاني فيه النظام السوري من حالة إنهاك عسكري بعد سنوات من الحرب، ما يجعل المنطقة عرضة لمزيد من التعديات الإسرائيلية، في ظل غياب أي ردع عربي أو دولي لهذه التجاوزات.