يتواصل المشهد الإنساني القاتم في قطاع غزة مع اقتراب فصل الشتاء، وسط استمرار الحصار المفروض على دخول المساعدات الإنسانية، حتى تلك التابعة لوكالات الأمم المتحدة.
وفي هذا السياق؛ كشفت وكالة “الأونروا” اليوم السبت، أن مواد الإيواء ولوازم الشتاء المخصصة للنازحين موجودة في مستودعاتها في الأردن ومصر، لكنها ممنوعة من دخول القطاع بفعل قيود الاحتلال الإسرائيلي.
وأوضحت الوكالة الأممية أن معاناة مئات الآلاف من النازحين تتفاقم مع البرد القادم، بينما تظل الخيام الممزقة والملاجئ المؤقتة غير قادرة على مواجهة الظروف المناخية القاسية. ورغم أن تلك المواد متوفرة وجاهزة للشحن؛ فإن قرار المنع السياسي والعسكري يعرقل إدخالها، في انتهاك واضح للحق في المأوى والحماية الإنسانية.
ويشكل الحصار الذي يفرضه الاحتلال على غزة منذ ما يزيد على 18 عاماً، أداة عقاب جماعي، وانتهاكاً صريحاً للقانون الدولي الإنساني. فحرمان المدنيين من المساعدات والإمدادات الأساسية، وخاصة في فصل الشتاء، يمثّل شكلاً من أشكال العقاب المحظور في اتفاقيات جنيف.
كما أن منع دخول مواد الإغاثة، بما في ذلك البطانيات والخيام والمدافئ، يتعارض مع مبدأ الحماية الخاصة للمدنيين وقت النزاعات، ويكشف عن نية واضحة في استخدام التجويع والحرمان كوسائل ضغط وسيطرة.
ويأتي هذا المنع رغم رأي محكمة العدل الدولية الأخير، الذي شدّد على أن سكان غزة لم يتلقوا إمدادات كافية من المساعدات، وألزم الاحتلال بالسماح بوصولها دون عراقيل. لكنّ هذا القرار، رغم أهميته القانونية والأخلاقية، لم يجد طريقه للتنفيذ، ليبقى مثالاً جديداً على ازدواجية المعايير الدولية وصمت المجتمع الدولي أمام الانتهاكات الممنهجة.
فالاحتلال لم يكتفِ بتجاهل المحكمة، بل أعلن صراحة أنه لا ينوي السماح بعودة “الأونروا” للعمل في غزة، في خطوة تمثل تمرداً على القانون الدولي وتحدياً لهيئات الأمم المتحدة نفسها.
وعلى مدى عامين من العدوان المستمر، ارتكب الاحتلال حرب إبادة جماعية أودت بحياة أكثر من 68 ألف قتيل فلسطيني، وأصيب نحو 170 ألفاً آخرين، أغلبهم من النساء والأطفال. ومع الدمار الذي طال نحو 90 في المئة من البنية التحتية المدنية؛ يعيش السكان اليوم في واقع يختصر معنى الإبادة البطيئة.
ويمثل منع دخول مواد الإيواء حلقة في سياسة متكاملة هدفها كسر إرادة الفلسطينيين وتجريدهم من أبسط حقوقهم الإنسانية. وفي ظل الصمت الدولي؛ يستمر الاحتلال في فرض معادلة قاسية: الموت تحت القصف أو البرد تحت الخيام.

























