في واحدة من أبشع صور الإبادة الجماعية التي يشهدها العالم المعاصر؛ اتهمت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتجويع أكثر من مليون طفل فلسطيني في قطاع غزة، في ظل حصار خانق وممنهج يمنع دخول الغذاء والدواء ويقوّض مقومات الحياة الأساسية.
وأكدت الأونروا، اليوم الأحد، أن الاحتلال الإسرائيلي يتبع سياسة تجويع متعمّدة ضد المدنيين في غزة، بمن فيهم الأطفال، مشيرة إلى أن القطاع المحاصر يعيش حالة كارثية، في وقت تُمنع فيه المساعدات الإنسانية من الوصول إلى مستحقيها، رغم النداءات المتكررة لفك الحصار.
وطالبت الوكالة بشكل عاجل بفتح المعابر والسماح بدخول الأغذية والأدوية وجميع الاحتياجات المعيشية، مؤكدة أن استمرار هذا الحصار يُعرّض حياة مئات الآلاف من الأطفال إلى الخطر المباشر، ويشكّل خرقًا فادحًا للقانون الدولي الإنساني الذي يُحظر استخدام الجوع كسلاح ضد السكان المدنيين.
ويأتي هذا التحذير في سياق سلسلة تقارير حقوقية وطبية توثق تصاعد معدلات سوء التغذية الحاد في قطاع غزة، وخاصة بين الأطفال دون سن الخامسة. فقد أوضحت الأونروا أن مراكزها الصحية أجرت، ما بين شهري آذار/مارس وحزيران/يونيو، نحو 74 ألف فحص للأطفال، كُشف خلالها عن قرابة 5,500 حالة من سوء التغذية الحاد الشامل، وأكثر من 800 حالة من سوء التغذية الحاد الوخيم، وهي أرقام تؤشر إلى حجم الكارثة القادمة إذا استمر الحصار.
ويمثل تجويع مليون طفل جريمة ممنهجة تُرتكب بدم بارد، وتندرج ضمن استراتيجية الإبادة الجماعية التي يمارسها الاحتلال منذ أشهر في غزة، والتي تشمل القصف العشوائي، واستهداف المستشفيات، وتدمير شبكات المياه والصرف الصحي، ومنع وصول الغذاء والدواء.
وتجاوز ما يجري في غزة كل الخطوط الحمراء، ليجد أهل القطاع أنفسهم أمام حصار بقصد الإبادة، لا يبقي من الحياة شيئًا، ويحوّل أجساد الأطفال إلى ما يشبه هياكل عظمية في مشاهد تعيد إلى الذاكرة أكثر الجرائم الوحشية في التاريخ الحديث. ورغم ذلك؛ فإن العالم الحر يقف في غالبيته موقف المتفرج، تاركًا غزة وحدها تصارع الجوع والقصف والموت.